من العروب إلى الدامون.. الطفلة هناء حماد خلف الكاميرات
الضفة/ إعلام الأسرى

في زنزانة ضيّقة داخل سجن الدامون، تجلس الطفلة هناء هيثم حماد، مواليد 7 شباط 2008، من مخيم العروب شمال الخليل.. لم تكن تلك الغرفة كباقي الزنازين، فهي تحت رقابة دائمة بكاميرات مراقبة مثبتة في الزاوية، كما أخبرت هناء فور اللقاء: "الغرفة مع كاميرات".

تجلس هناء في الغرفة رقم (1) إلى جانب الأسيرة القاصر سالي صدقة.. الاثنتان لا تتجاوزان أعمار الطفولة، لكن خلف الأبواب الموصدة، تتقاسمان قهرًا يوميًا لا يحتمله الكبار.

في التاسع من حزيران 2025، وقبل شروق الشمس، اقتحم جنود الاحتلال منزل عائلة هناء.. فوضى وصراخ وتهديدات، ثم ضُربت واعتُقلت بالقوة، واقتيدت إلى مركز تحقيق المسكوبية، حيث مكثت عشرة أيام.. هناك أخبروها أنها ستُنقل إلى "النقب" أو "مجدو"، لكنهم وضعوها في نهاية المطاف في "الدامون".

رغم صغر سنها، كانت هناء حريصة على أن تصل كلماتها بترتيب خاص: "سلّموا على أمي، أنا قوية، وسلام من حمّودة، وسلّموا على إخوتي، وخلّي صدقي يكون أول واحد بيستقبلني عالحاجز… وأمي تفتح المصحف عند سورة المؤمنون، الآية 111".

بدأت هناء حفظ القرآن، وقالت إنها تستغل الوقت لذلك، لعلّه عزاء مؤقت في زمن الاعتقال.

حين تحدّثت عن العيد، لم يكن طلبها سوى أمنية صغيرة بطعم الطفولة: "أنا مروّحة، جيبوا معكم مسحّبات وكولا تشات وحلويات، وتوكلوش لحمة العيد تا أروّح".

لكن خلف تلك النبرة البسيطة، تخفي هناء معاناة متراكمة.. فهي تعاني من انحراف في العمود الفقري، يرافقه تخدّر في قدميها.. ورغم تقديم طلب للمحكمة لتوفير العلاج، إلا أن المسعف في السجن، والمعروف باسم "الحوبش"، يرفض تزويدها بأي دواء.

الفورة اليومية لا تتجاوز الساعة، وتتم لثلاث غرف معًا تتشاركن حمّامًا واحدًا.. أكثر من مرة تعرّضت هناء وسالي للقمع، وتركت تلك الاعتداءات أثرًا نفسيًا واضحًا، كما أشارت إلى أنها لا تملك سوى لباس واحد، قصير وممزّق، دون أن يُسمح لها بامتلاك ملابس إضافية.

في ختام الزيارة، طلبت هناء إيصال تحياتها من وإلى الأسيرات: سالي، تسنيم عودة، شيرين، ياسمين، كرمل، ميرفت، وشهد دراوشة التي وجّهت تحية خاصة لعائلتها.

وقبل أن تغادر، قالت هناء بصوت خافت يشبه النداء الأخير: "إمي، تعيّطيش ولا تزعلي عليّ.. ظلّك قويّة".

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020