الأسير المقدسي أكرم القواسمي.. ثلاثة عقود من الأسر والوعي تقض مضاجع السجان
تقرير/ إعلام الأسرى

تترك الأسماء الثقيلة أعمالها وإنجازاتها النضالية لتروي عنها القصص، تقف خلفها الأرقام ك30عاماً في سجون الاحتلال، متواصلة باعتداءاتها، بتنقلاتٍ خاضها الأسير ما بين السجون التي أنهكت سنوات حياته، يواجهها بعزيمة كبيرة، وإنجازات تعليمية ونضالية لا يمكن حصرها ببضع كلمات، فاليوم لا تزال سجون الاحتلال تغلق أبوابها على الأسير أكرم إبراهيم قواسمي(51عاماً) سكان مدينة القدس المحتلة للعام ال30 على التوالي، إغلاق تخلله منع إدراج اسمه ضمن صفقات الأسرى، فالأسير القواسمي يشكل حالة رعب منفردة بذاتها لإدارة السجون حتى وهو داخل معتقلاتهم، حتى بات اليوم على رأس قائمة الأسرى الذين تغيب أخبارهم عن ذويهم تماماً، والذين يتصيد أهلهم صوتاً ما يخبرهم ولو بالقليل عنهم وعن أوضاعهم الاعتقالية.

مكتب إعلام الأسرى تحدث إلى طارق القواسمي، شقيق الأسير المؤبد أكرم القواسمي للوقوف على آخر أخباره ضمن سلسلة تقارير يقدمها المكتب لإبراز قضية الأسرى من عمداء الحركة الأسيرة وأصحاب المؤبدات والذين يقبعون في ظل استمرار حرب الإبادة على غزة في العزل الإنفرادي، ضمن سياسة ممهنجة لكتم صوتهم وتغيب أخبارهم والاعتداء عليهم.

يؤكد شقيق الأسير القواسمي أن الاحتلال يتعمد شقيقه بمنع الزيارة منذ بداية هذا العام، يقول"بذلت المستحيل لأرسل له محامي، كل المحامين الذين بعثتهم لزيارته تم رفض زيارتهم، هناك تعنت كبير من إدارة السجن لزيارة أخي، رفض لشخصه كما نعلم ولحجم تأثيره على مجتمع الحركة الأسيرة، واليوم نعرف عنه الشحيح من الأخبار فقط".

منذ نهاية شهر ديسمبر من العام الماضي انقطعت أخبار الأسير القواسمي تماماً عن ذويه، كانت آخر زيارة لمحامي له، اليوم يحارب شقيقه في سبيل معرفة أي شيء عنه، ويؤكد بأنه رفع قضايا كثيرة عبر محامين لأجل معرفة مصيره دون جدوى، وسبب منع زيارته.

اليوم يتواجد الأسير القواسمي في سجن شطة ويشير شقيقه إلى أن انقطاع أخباره هو نذير لوجوده في العزل ربما، ويؤكد بأن آخر ما علموه عن شقيقه هو نزول ما يقارب ٤٠ كيلو من وزنه، ويتساءل كيف به الآن بعد انقطاع أخباره منذ أشهر طويلة؟ وفي ظل استمرار سياسة التجويع التي تفرضها إدارة السجون بحق الأسرى؟ يقول شقيقه" في شهر يناير تمكن أسير محرر من إيصال رسالة لي عقب حريته بأن شقيقي يبلغنا سلامه ويخبرنا بأنه يعلم إصرارنا على بعث محامي لزيارته ويريد أن نستمر في ذلك، وحتى وقت قريب لا زلت أكرر إرسال محامين لزيارته أملاً في أن يستطيع محامي ما منهم من الدخول وإبلاغنا عن أحواله".

الأسير القواسمي يتناول أدوية يومية لمرض الضغط الذي يعاني منه ولا تعلم عائلته حيثيات وضعه الصحي في الفترة الأخيرة باستثناء نزول وزنه، ويؤكد شقيقه بأنه حين رأى مشاهد التصوير للأسير القيادي مروان البرغوثي تخيل شقيقه بذات الهيئة وقد تغير تماماً وحتى اليوم يحارب هو ليعلم ماذا حدث لهيئة أخيه وماذا فعلت به الأشهر الطويلة الماضية وكيف أثرت في شكله.

طارق القواسمي والذي تعرض بدوره لاعتقال عام ٢٠١٥ ومكث ٤ سنوات في سجون الاحتلال يعلم مرارة السجون ويناشد لمعرفة مصير شقيقه في ضوء ما وصفه بمنع إدراج اسمه ضمن أي لائحة إفراج عن الأسرى ضمن صفقات المقاومة، ويؤكد بأن أسرى محررين في الصفقة الأخيرة أكدوا له بأن أخاه يقف دائماً في وجه إدارة السجون وبأنه يتعرض بشكل مستمر للضرب والتنكيل لقاء صموده ورفعه لمعنويات الأسرى وتمثيله لهم.

طارق القواسمي المحارب في قضية شقيقه وزيارته، كان اعتقل وحرمته إدارة السجون أن ينقل لريمون ليكون رفقة شقيقه، كما وحتى العام 2018 حرم من زيارته في سجون الاحتلال، كأسلوب عقابي ضده وضد شخص شقيقه.

الأسير القواسمي أحد أبرز الأسماء الاعتقالية التي تتعرض للتنكيل المستمر على يد إدارة السجون، يشكل علامة فارقة في تاريخ النضال فهو من أبرز الأسماء التي نشطت ضمن عمليات الثأر المقدس لاستشهاد يحيى عياش، ومنذ اعتقاله تعرض لسلسة من الانتهاكات وتعرض لفترات طويلة من العزل الإنفرادي.

كان للأسير القواسمي الدور الأبرز فيما عرف بعمليات الثأر المقدس، التي أعقبت اغتيال الاحتلال للمهندس يحيى عياش، فالقواسمي عمل رفقة الأسير حسن سلامة والمحرر أيمن الرازم، بتوجيهات مباشرة من الشهيد محمد الضيف، وأطلق عليهم في ذلك الوقت اسم"مجموعة تلاميذ يحيى عياش"، لائحة الاتهام التي قدمها الاحتلال للأسير القواسمي عقب اعتقاله تضمنت تسهيل مرور القيادي الأسير حسن سلامة من غزة للخليل لتنفيذ عمليات موجعة للاحتلال، علاوة على الضلوع في تنفيذ عدد كبير من العمليات التي أوقعت أعداد كبيرة من القتلى في صفوف الاحتلال.

القواسمي إنسان محب للحياة والتعليم وبذل الجهود في سبيل حرية وطنه، فقد تعلم المرحلة الابتدائية والإعدادية والثانوية في مدينته القدس، وحصل على شهادة ثانوية عامة من الفرع الصناعي قبل أن يلتحق بكتائب القسام، عقب اعتقاله عام 1996 والذي أعقب سلسلة عمليات كان له دور بارز فيها وجرى اعتقاله في كمين استهدفه بشكل شخصي بعد 25 يوماً من عملياتهم الموجعة والتي أذاقت الاحتلال الويلات، لم يتوقف الأسير القواسمي عن العمل الدؤوب، فقد حصل على شهادة ثانوية عامة أخرى أثناء فترة اعتقاله، وحصل على شهادتي بكالوريوس في تخصص التاريخ من جامعة الأقصى في غزة، وكذلك في تخصص اجتماعيات من جامعة القدس المفتوحة، كما وحصل على شهادة ماجستير في الدراسات الإسرائيلية، ودرجة دكتوراة في تخصص دراسات مقدسية، والتحق بعدد من الدورات التطويرية في إدارة الأعمال ودورات تدريبية في التنمية البشرية والقانون الدولي وكذلك في حقوق الإنسان وعلوم الصحافة والإعلام، علاوة على علوم التجويد.

عام 2002 توفي والده وهو خلف القضبان وحرمه اعتقاله من فرصة وداعه إلى مثواه الأخير، ولم يثنه حزنه عن مواصلة مسيرته التعليمية ودعم الحركة الأسيرة داخل سجون الاحتلال، فعام 2022 أصدر رواية سيرة ذاتية لحياته الاعتقالية في سجون الاحتلال وكان عنوانها" فضاءات الثقوب.

اليوم يصنف الأسير القواسمي بأحد أبرز عمداء الحركة الأسيرة، ورغم أن الأسير القواسمي يصارع حكماً بالسجن المؤبد مرتين إلا أن الاحتلال يواصل ملاحقة شخصه داخل السجون، على مدار سنوات تعرض لاعتداءات كثيرة، واليوم تناشد عائلته للكشف عن مصيره، ويؤكد شقيقه بأنه يعيش أيامه ساعياً للوصول له في سجن شطة، تقلقه أخبار السجون وما يرد عن أحوال الأسرى وسياسات الاحتلال الرامية لاغتيالهم ويتطلع لمعرفة أي خبر عن شقيقه وعن وضعه الصحي.

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020