فتحي الخطيب.. أسيرٌ ستينيّ تنهشه الشيخوخة ويقتله الجوع البطيء
تقرير/ إعلام الأسرى

يعيش أسرى الأحكام المؤبّدة صراعًا مفتوحًا مع الزمن والمكان، في وقت مرّت فيه صفقات طوفان الأحرار دون أن يذوقوا طعم الحرية. واستمرار حالة الطوارئ داخل السجون يفرض واقعًا مأساويًا يضاعف معاناتهم، ويحوّل السجن إلى قطعة ممتدّة من العذاب؛ فسياسة التجويع بلغت ذروتها، والتنكيل والقمع والتفتيشات لا تتوقف، فيما تنتشر الأمراض الجلدية ككابوس يلاحق الأسرى بلا هوادة. وعلى صفيحٍ ساخن تعيش عائلاتهم قلقًا لا يهدأ، وسط غياب أي بوادر لانفراج قريب يعيد الأمور إلى ما كانت عليه قبل حرب الإبادة على قطاع غزة.

مكتب إعلام الأسرى يواصل طرق جدران الخزان، ويعرض في سلسلة تقاريره قصص الأسرى أصحاب الأحكام المؤبّدة، وتاريخهم النضالي، وما يتعرضون له بعد حرب السابع من أكتوبر وبعد صفقة طوفان الأحرار من حربٍ تستهدف عزيمتهم وكرامتهم وأجسادهم، في محاولة لكشف الجزء اليسير مما يعيشه الأسرى داخل المعتقلات.

الأسير فتحي رجا الخطيب (65 عامًا) من بلدة قفين في طولكرم، أحد أبرز الأسرى الذين رفض الاحتلال الإفراج عنهم في كل صفقات المقاومة، ولا يزال يقارع السجن والسجّان منذ أكثر من عقدين. وتؤكد عائلته أنّ ما تعرفه قليلٌ جدًا، بفعل العزل الكامل المفروض على السجون ضمن استمرار "حالة الطوارئ".

تقول عائلته:

"لا توجد زيارات للأسير فتحي الخطيب في سجن ريمون منذ ستة أشهر. آخر زيارة كانت قبل نصف عام، ومنذ قطع راتبه أصبحت الزيارات شبه مستحيلة، لأن زيارة المحامي وحدها تحتاج إلى 2000 شيقل، ولم تقم أي مؤسسة بزيارته خلال هذه الفترة".

وتشير العائلة إلى أنّ والدهم يعاني أوضاعًا صحية صعبة؛ فهو يشكو من آلام حادة في الظهر بسبب إصابته بـ"الديسك"، وقد علموا من أسرى محررين أنّه فقد نحو 30 كغم من وزنه نتيجة سياسة التجويع المستمرة. ومنذ ستة أشهر لا يصلهم أي خبر جديد عن صحته بسبب انعدام الزيارات، ولا يحصلون على أي معلومة إلا عبر أسرى محررين خرجوا من قسمه، وحتى هذه الأخبار لا تعكس الصورة الحقيقية لوضعه.

وعانت عائلة الأسير فتحي الخطيب على مدار سنوات اعتقاله من مداهمات متواصلة لمنازل أبنائه، وتعرضت بيوتهم للتكسير والتخريب. وتؤكد زوجته أنّ جميع أبنائها مرّوا بتجربة الاعتقال. وقد نال ابنهم محمد الخطيب حريته قبل خمسة أشهر، بعد اعتقاله قبيل حرب السابع من أكتوبر بشهرين، وقد خرج فاقدًا 45 كغم من وزنه بفعل التعذيب والتجويع.

وتواصل العائلة معاناتها حتى اليوم، إذ يعتقل الاحتلال الابن الآخر للأسير، المصور الصحفي أحمد الخطيب، الذي اعتُقل بتاريخ 22/6/2025، وتم تحويل ملفه للاعتقال الإداري. ويقبع أحمد في سجن عوفر تاركًا خلفه أربعة أبناء، وقد قُطع راتبه أيضًا.

قدّم فتحي الخطيب وأبناؤه أثمانًا باهظة من أعمارهم. فالأسير الستيني اعتُقل في 9/5/2002 بعد مطاردة طويلة، ولا يزال بعد 24 عامًا ينتظر فجْر الحرية. وحُكم عليه بالسجن المؤبد 29 مرة إضافة إلى 20 عامًا أخرى، بتهمة المشاركة في عملية أدت إلى قتلى في صفوف الاحتلال داخل الأراضي المحتلة عام 1948.

وتعرض الأسير فتحي خلال اعتقاله لفترات طويلة من العزل الانفرادي، وشارك في إضرابات الحركة الأسيرة، وتمكّن مع رفاقه من انتزاع إنجازاتٍ قبل أن تُسحق معظمها تحت إعلان "حالة الطوارئ". وخلال سنوات اعتقاله فقد ثلاثة من أشقائه، ثم والده ووالدته، وزوّج أبناءه واحدًا تلو الآخر دون أن يسمح له الاحتلال بالمشاركة في أي مناسبة اجتماعية، سعيدة كانت أم حزينة.

ولا يزال فتحي الخطيب، الذي شاخ خلف القضبان، يصارع الوقت والوجع والحنين في سجن ريمون، فيما تنتظر عائلته خبرًا واحدًا يبدد ظلام 24 عامًا من الغياب.

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020