في انتهاكٍ صارخ لكافة المواثيق والاتفاقات أقدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي على تحويل الأسير المحرر وائل الجاغوب (58 عامًا) من بلدة بيتا قضاء نابلس، للاعتقال الإداريّ لمدة خمسة شهور ونصف، وذلك بعد أقل من أسبوعين على اعتقاله مجددا رغم تحرره ضمن صفقة التبادل الأخيرة التي أُبرمت في شهري يناير وفبراير 2025.
اعتقل الجاغوب بتاريخ 6 أيار/مايو 2025، وتعرض لتحقيق ميداني قاسٍ قبل أن تمدد سلطات الاحتلال اعتقاله لمدة 144 ساعة، لتصدر لاحقًا أمر اعتقال إداري بحقه، دون تهمة أو محاكمة، في محاولة واضحة لكسر إرادة المحررين، وإيصال رسالة مفادها أن حرّيتهم مقيّدة بيد الاحتلال.
ويعتبر الجاغوب من أبرز قيادات الحركة الأسيرة، حيث انخرط في العمل المقاوم في وقت مبكر، وتعرض للاعتقال عام 1992 وحكم عليه الاحتلال بالسجن 6 سنوات. ومع اندلاع انتفاضة الأقصى كان في طليعة الفاعلين ميدانيا، مما أدى لاعتقاله مجددا في 1 أيار/مايو 2001، وخضع لتحقيق عنيف وطويل، ثم حكم عليه بالسجن المؤبد.
وخلال سنوات أسره التي تجاوزت العشرين عاما، نقل الجاغوب بين غالبية السجون، وتعرض للعزل الانفرادي مرارًا، كان آخرها قبل عامين، حيث كانت إدارة سجون الاحتلال تحرص على عزله لما له من تأثير نضالي وتنظيمي داخل السجون، وحُرم على إثر ذلك من زيارة عائلته لسنوات طويلة.
وقد تحرر الجاغوب ضمن صفقة التبادل الأخيرة التي أُبرمت مع الاحتلال، إلا أن إعادة اعتقاله تُعد خرقا مباشرا لبنود الصفقة، واستهتارا واضحا بكل التفاهمات والضمانات التي رافقت عملية الإفراج.
وتؤكد المعطيات أن الاحتلال أعاد اعتقال 12 أسيرا محررا ممن أُفرج عنهم في الصفقة الأخيرة، من بينهم 6 أسرى لا يزالون رهن الاعتقال، و5 منهم حولوا للاعتقال الإداريّ، مما يعكس تصعيدا واضحا في سياسة الانتقام من الأسرى المحررين.
وفي هذا السياق، شددت مؤسسات الأسرى على أن “سياسة إعادة اعتقال الأسرى المحررين ليست بالجديدة، لكنها اليوم باتت تمثل خرقا خطيرا للاتفاقات، ورسالة مباشرة من الاحتلال لكل محرر بأنه لا يتمتع بأي حصانة”.
ويدين إعلام الأسرى بأشد العبارات إقدام الاحتلال على اعتقال الأسير المحرر وائل الجاغوب وتحويله للاعتقال الإداري، ويعتبر هذه الخطوة اعتداءً سافرا على حقّه في الحرية، ومحاولة انتقامية من قيادات العمل الوطني الذين دفعوا أعمارهم خلف القضبان.
إن ما يتعرض له الجاغوب اليوم، وغيره من المحررين، هو نهج ممنهج اعتمد عليه الاحتلال لسنوات، لكن تصعيده مؤخرا ضد محرري الصفقة يُظهر نوايا الاحتلال في إفشال أي إنجازات وطنية، وكسر عزيمة شعبنا وأسراه الأحرار.
ونؤكد أن الأسير وائل الجاغوب لم يكن يوما حالة فردية، بل هو رمزٌ لصلابة الحركة الأسيرة، وصاحب تجربة غنية بالتضحيات والتنظيم والتأثير داخل المعتقلات، وإن استهدافه مجددًا بعد تحرره لا ينفصل عن استهداف الذاكرة النضالية الفلسطينية برمّتها.
كما نحمل الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياة الأسير الجاغوب، ونطالب المؤسسات الدولية والحقوقية بالتدخل الفوري من أجل وقف الانتهاكات المتواصلة بحق الأسرى المحررين، واحترام الاتفاقات الدولية التي تنص على حماية الأسرى المحررين من إعادة الاعتقال التعسفي.