معصوبي الأعين ومكسورو الجسد.. أسرى غزة في نفحة يتقاذفهم الجلادون كالكرات!
تقرير/ إعلام الأسرى

تخيل معي عزيزي القارئ أنك مدعو لحضور فيلم مدته ساعتين تقريبًا، لكن لا يمكن أن تصحب معك أسرتك لمشاهدته، ولا حتى العصائر أو علب الفشار، لأننا نوقن تمامًا أن ما سيتم عرضه خلال مدة الساعتين، لا يمكن لأي عاقل أن يتحمله، ولا في أي أفلام رعب أو تعذيب مرّت عليك خلال سنوات حياتك مهما كان عددها، قد تستغرب حجم هذا التهويل لمجرد مشاهدة فيلم، فما هي حكايته؟

مع الأسف هذا ليس مجرد فيلم تمثيلي، يتعرض فيه الأبطال للضرب الوهمي وبعض مساحيق المكياج، بل هو عدوان حقيقي قاتل وعنيف، تقشعر له الأبدان، وتقزز منه نفسيتك حتى تكاد معدتك تفرغ كل ما فيها فقط وأنت تقرأ الحدث، فكيف إن كنت تشاهده في بث حي ومباشر؟

نعم.. بما أنك تقرأ نص الحدث هنا، فهو يتعلق بما يحدث داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي بحق أسرانا البواسل، ويختص خصيصًا بأسرى غزة بعد السابع من أكتوبر، وهنا نورد رسالة شاهد عيان لما شاهده في سجن نفحة من تعذيب بحق الأسرى الغزيين، وهي شهادة ضمن شهادات عديدة تحاول دق جدران الخزان، وكسر حاجز الصمت، فهل من مجيب؟

يقول شاهد العيان المحرر عمار الزبن في شهادته:

لم أكن أعلم بأنني وبعض الأسرى المنقولين إلى قسم جديد على موعد مع مشهد سيظل محفورًا في الذاكرة إلى الأبد، عندما وضعنا السجانون الغلاظ الذين لا يتوانون في كل فرصة سانحة عن التنكيل بنا في قفص كبير يطل على زنازين ومكاتب استقبال الأسرى الجدد!

حيث بدأنا منذ اللحظة الأولى بسماع الصراخ والبكاء والألم، مصحوبًا بالشتائم وأصوات الضرب والركل، وتلقين الأسرى الذين اتضح منذ البداية أنهم غزيّون!! عبارات يجب أن يرددوها رغمًا عن أنفهم وهم يركضون معصوبي الأعين، مقيدي الأيدي والأرجل، وأيادي السجانين المتوحشة تضربهم وتتقاذفهم كالكرات فيما بينها!

يشتم الأسير الممزقة ملابسه البنية، والتي يرتديها دون ملابس داخلية حيث أمكننا رؤية ذلك بعد أن حرموه من مجرد رفع بنطاله!! قائلاً: أنا ابن الزانية، شعب إسرائيل حيّ، وقذف قيادة حركة حماس بألفاظ لا يمكن تناقلها!

فيصرخ عليه السجانون وهم يتضاحكون: بصوت أعلى، بصوت أعلى!!

حيث استمر ذلك طيلة ساعتين وقت مكوثنا هناك، وعلى الأسير المسكين أن يتحمل كل ذلك مسافة عشرات الأمتار، والتي يتخللها سقوطه على الأرض ودفعه باتجاه زوايا الجدران.

لم نستطع فعل شيء، يقتلنا القهر والعجز بعد أن تعرضنا أنفسنا إلى أنواع أخرى من التعذيب بدأت منذ اليوم الأول لحرب الطوفان!

غير أن إخواننا الغزيين من أسرى الحرب: كانوا أمّ الحكايات، حيث ينفذ بحقهم كل قذارات العالم ولم يكن غريبًا لنا أن نسمع بأن الكثير منهم قد لقي الله شهيدًا تحت التعذيب!

انتهت المسرحية الحقيقية يومها، واقتادونا إلى غرف تعذيب جديدة، فيما ابتلع المجهول إخواننا الغزيين الذين كانوا بالعشرات!

إلى هنا انتهت شهادة شاهد العيان.. لكن حكايا التعذيب لم تنته، ففي كل يوم يكشف النقاب عن أساليب تعذيب جديدة تمارسها إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلي بحق الأسرى الفلسطينيين دون أي مراعاة لحقوق الإنسان في تحدٍ صارخ لكل القوانين والأعراف والمواثيق الدولية، وهذا لربما يعني أن عداد شهداء الحركة الأسيرة لن يتوقف عند 69 شهيدًا منذ حرب الإبادة، و306 شهيدًا في تاريخ الحركة الأسيرة منذ عام 1967.

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020