لم تكن الأسيرة ماسة عمار حسن غزال، الشابة الفلسطينية المولودة في 16 أغسطس 2002، تتوقع أن تختطف من بين أهلها في ساعات الفجر الأولى، وترمى من جامعة العلاقات العامة إلى سجون الاحتلال الإسرائيلي، لتخوض تجربة اعتقال مليئة بالقهر والتنكيل، ومغمورة في الوقت نفسه بروح إيمانية عالية وروح جماعية صلبة.
في ليلة 28 نيسان/أبريل 2025، وفي تمام الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل، اقتحم جنود الاحتلال منزل ماسة في نابلس، قرابة 15 إلى 20 جنديا ترافقهم مجندتان.
تم تفتيشها بعنف، وتقييد يديها بإحكام، وتعصيب عينيها. نقلت من حوارة إلى مستوطنة "أريئيل"، ومن ثم إلى سجن "هشارون"، وبعدها إلى سجن "الدامون" حيث تقبع الآن.
معاناة يومية في "الدامون"
ماسة تصف الوضع في سجن الدامون بأنه “سيئ جدا”. فالسجّانات يتعاملن بعنف وصراخ مستمر، وأحيانا بضرب مباشر.
أما الطعام، فتعاني الأسيرات من قلته وسوء جودته، إذ يقدم غالبا مطبوخًا بالحبوب، فيما تكون الخضروات والبيض والحليب فاسدة في أغلب الأوقات.
"الخصوصيّة منعدمة"، تقول ماسة، مشيرة إلى قلة الملابس الداخلية، ونقص كبير في ألبسة الصلاة، وغياب أدوات النظافة الشخصية. "صابونتين فقط للغرفة طوال الأسبوع، لا مشط شعر، لا مرآة، ولا حتى أساسيات للعناية".
أما العقوبات فهي يومية لأتفه الأسباب، وتترافق مع سيل من الشتائم والإهانات من قبل السجانين.
اعتداء على الحياة الدينية
تؤكد ماسة أن السجانين يتعمدون التشويش على أوقات الصلاة، ولا يسمحون لهن بامتلاك ساعات يد. "لدينا فقط مصحفين لكل البنات، وهناك غرف بلا مصاحف أصلا"، تقول. رغم ذلك، تصر الأسيرات على إقامة قيام الليل يوميا قبل الفجر، وتلاوة أذكار الصباح، فيما تقرأ ماسة يوميًا سورة البقرة والسبع المنجيات (الدخان، السجود، الرحمن، الواقعة، يس، الملك، الحشر).
إهمال طبي صارخ
تصف ماسة الإهمال الطبي بأنه "صارخ"، إذ يختزل العلاج في عبارة: "اشربي ميّة"، وفي أفضل الأحوال: "خذي حبة أكامول".
لا متابعة صحية ولا أدوية فعلية، مما يجعل المعاناة مضاعفة، خاصة للمرضى والمصابات.
صمود رغم العتمة
رغم كل ما سبق، تنقل ماسة صوتا مطمئنا من داخل غرفتها في سجن الدامون : "نفسيّتي كثير منيحة وبفائل البنات".
"إحنا قويات، وبنحاول نعيش روح جماعية إيمانية رغم كل الظروف".
وتحدّثت عن زميلاتها في الغرفة رقم 4: ريهام موسى، بشرى قواريق، تسنيم عودة، ولاء حوتري وسارة همشري، مؤكدة أن رابط الأخوة والصبر هو ما يجمعهن ويمنحهن القوة في مواجهة القهر.