صورة ركام غزة كتب عليها "غزة الجديدة"، تعرض أمام الأسرى 23 ساعة يوميا، حتى لا يروا غيرها. هكذا تمضي ساعات المعتقلين في سجن "راكيفت" بإسرائيل.
يقع هذا المعتقل تحت الأرض بمدينة الرملة، وقد أنشأه الاحتلال بعد اندلاع طوفان الأقصى عام 2023، وتزعم السلطات أنها تحتجز فيه فلسطينيين من النخبة والقوات الخاصة في كتائب القسام.
يعيش هؤلاء الأسرى في عزلة تامة وظروف تصفها تقارير حقوقية بأنها بالغة القسوة: تشمل الحبس 23 ساعة يوميا، ومنع الصلاة، والتجويع المتعمد.
السجن من الداخل: زنزانة مغلقة في عمق الأرض
يقع معتقل راكيفت أسفل سجن أيالون في الرملة، على بعد 38 كيلومترا شمال غرب القدس المحتلة. شيد في حفرة عميقة تحت الأرض محاطة بطبقات سميكة من الإسمنت المسلح، ومحصنة بأنظمة مراقبة إلكترونية متقدمة تدار عن بعد.
يضم السجن على شكل منحدر، مغلق بإحكام من كل الجهات، وفيه زنازين ضيقة بلا إضاءة ولا تهوية، قسمت لاحتجاز ثلاثة معتقلين في كل زنزانة. أما الحراس فمجهولون أو لا يسمح لهم بكشف وجوههم، ولا يعرف بعضهم بعضا.
23 ساعة في ظلام دامس وساعة للتنفس
يحبس المعتقلون في زنازينهم 23 ساعة ولا يخرجون إلا لساعة واحدة يقضونها في ساحة أسمنتية صغيرة شبه مظلمة.
يمنعون من الحديث بينهم ويقتصر الاستحمام على سبع دقائق فقط.
كما يحرمون من الزيارات، والاتصال بالخارج، ولقاء المحامين، والمثول أمام المحاكم. وتنفذ جميع الإجراءات في جناح واحد.
كيف تمر الساعات في سجن راكيفت
يخضع المعتقلون في "راكيفت" لسلسلة من الانتهاكات الجسيمة، منها:
* إجبارهم على الجثو أرضا في وضعية السجود وأيديهم خلف ظهورهم.
* منعهم من أداء الصلاة والصيام.
* تقديم كميات طعام ضئيلة جدا.
* تعذيب جسدي ونفسي متواصل.
* تحكم الحراس في كل تفاصيل حياتهم.
* مراقبة دائمة بالكاميرات والكلاب.
* عزلة تامة ومنع التواصل فيما بينهم.
في سجن راكيفت: إدارة القمع والسرية بأعلى المستويات
في 30 يوليو 2025، زار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو معتقل راكيفت مع وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي قال:
"في هذا السجن يحتجز أسرى وحدة النخبة، أولئك الذين تسببوا في كارثة السابع من أكتوبر، يجب أن يكون هذا المكان محطتهم الأخيرة قبل إعدامهم".
تتخذ سلطات الاحتلال هذا السجن نموذجا تجريبيا هو الأول من نوعه في مصلحة السجون ، يدار بأقصى درجات السرية، ويمنع فيه خروج المعتقلين وزيارتهم حتى للعلاج أو لقاء المحامين أو حضور المحاكمة.
شهادة من داخل المعتقل
* "يمنحوننا منديلا واحدا كل ثلاثة أيام، والطعام لا يكاد يكفي".
* " كنت مربوطا على كرسي لساعات طويلة أو يلقى بي على الأرض، والموسيقى الصاخبة لا تهدأ أبدا، والنوم كان مستحيلا" .
* "اعتدوا على شرفي بجهاز تفتيش وكانوا يجعلوننا نسب أمهاتنا."
مكتب إعلام الأسرى
أكد مكتب إعلام الأسرى أن سجن "راكيفت" يجسد الوجه الأكثر وحشية لمنظومة السجون الإسرائيلية، حيث تدار غرف الموت البطيء بحق معتقلي غزة بعيدا عن أعين العالم.
إن ما يجري فيه من تعذيب وتجويع وإذلال يمثل جريمة حرب مكتملة الأركان تتطلب تحركا عاجلا من المؤسسات الدولية والحقوقية.
راكيفت سجن شاهد على انحدار غير مسبوق في مستوى القمع الإسرائيلي. هو قبر مظلم أعد للأسرى الفلسطينيين، حيث تمحى إنسانيتهم عمدا، ويساقون ببطء نحو الموت.
وفي ظل هذا الجحيم، يبقى السؤال معلقا: إلى متى سيظل العالم صامتا أمام غوانتانامو الاحتلال؟