كشفت زيارات المحامين الأخيرة إلى سجون الاحتلال الإسرائيلي عن واقع مأساوي يعيشه الأسرى والأسيرات، خاصة في الجلمة والنقب والدامون، حيث تتوحد شهاداتهم حول سياسة ممنهجة من التجويع، الإهمال الطبي، قلة المستلزمات، الحرمان من أشعة الشمس، والإذلال المتواصل.
ففي سجن الجلمة، وثّق أحد الأسرى تراجع وزنه من 71 كغم إلى 57 كغم بسبب قلة الطعام ورداءته، حيث يقدم لهم طعام فاسد وخالٍ من السكريات، ولا يملك سوى لباس واحد، ومحروم من أدوات النظافة والحلاقة ما اضطره إلى قص أظافره بيديه. كما حُرم من الفورة ورؤية الشمس، وتعرض للإهانات والشتائم المستمرة، إضافةً إلى ضغط نفسي كبير خلال التحقيق مع منعه من لقاء المحامي.
بينما في سجن النقب، تحدث الأسير (ع.س) عن معاناة قاسية في أقسام الخيام، حيث تضم كل خيمة نحو 28 أسيراً في ظروف مكتظة وصعبة. وقد انخفض وزنه من 86 كغم إلى 70 كغم بسبب رداءة الطعام وقِلته، بينما لا يملك سوى غيار واحد، وتُسمح لهم الحلاقة مرة واحدة كل شهرين فقط. ورغم السماح بفورة ساعة يومياً، إلا أن تعامل الإدارة يتسم بالقسوة وحرمان الأسرى حتى من المصاحف داخل الخيم.
أما في سجن الدامون، فقد وثقت الأسيرات معاناة متفاقمة مع الإهمال الطبي المتعمد، حيث شهد السجن أربع عمليات قمع خلال الشهر الجاري فقط، كان آخرها استهداف غرفة (5). وخلال الاقتحامات تُجبر بعض الأسيرات على الخروج دون حجاب في اعتداء مباشر على كرامتهن، كما فُرضت عليهن عقوبات تمثلت بحرمانهن من الفورة واقتصرت حركتهن على 10 دقائق يومياً فقط للحمام، في حين جرى تفريق ثماني أسيرات من غرفة (4) ضمن سياسة العقاب الجماعي.
وتؤكد هذه الشهادات أن سلطات الاحتلال تمارس سياسات ممنهجة تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي واتفاقيات جنيف الرابعة، التي تلزم قوة الاحتلال بتأمين الغذاء الصحي والرعاية الطبية والظروف الإنسانية للمعتقلين.
بدوره، أكد مكتب إعلام الأسرى أن ما يجري في الجلمة والنقب والدامون ليس أحداثاً متفرقة، بل سياسة منظمة تتصاعد منذ السابع من أكتوبر، تقوم على التجويع، الإهمال الطبي، الحرمان، والإذلال المتعمد، في إطار انتقام الاحتلال من الأسرى ومحاولة كسر إرادتهم وصمودهم.
وأوضح إعلام الأسرى أن حرمان الأسرى من الطعام الصحي والرعاية الطبية، وتركهم في بيئة تفتقر لأبسط مقومات النظافة والكرامة، يمثل جريمة ضد الإنسانية تستوجب الملاحقة القضائية. كما شدد على أن إجبار الأسيرات على خلع الحجاب أثناء الاقتحامات اعتداء سافر على الكرامة الإنسانية والحريات الدينية.
وطالب المؤسسات الحقوقية والإنسانية الدولية بكسر صمتها والتحرك العاجل لوقف هذه الجرائم، والعمل على فتح تحقيق دولي مستقل ومحاسبة الاحتلال على انتهاكاته المنظمة بحق الأسرى والأسيرات.