منذ سنوات في قرية المغير قضاء مدينة رام الله، تقف النساء شامخات أمام الجيبات العسكرية التي تقتحم القرية بشكلٍ دوري، يحاولن حماية أبنائهن من الاعتقالات واعتداءات المستوطنين، يتوجه لهن ضابط المنطقة دائماً بالحديث والتهديد من أن أي رد فعلٍ نضالي لأبنائهن سيكون عاقبته الاعتقال وتدمير المنزل وتخريبه، ويقفن هن رغم ذلك كالسد المنيع خلف ظروف اعتقالهم، لا يملكن أن يمنعن أبنائهن حق الدفاع عن الوطن، ولا منع الخروج للدفاع عن أراضيهم ضد اعتداءات المستوطنين المتكررة على القرية، والتي كان آخرها اقتحامها لما يقارب أربعة أيام في أعقاب استشهاد الشاب حمدان أبو عليا، والتنكيل بغالبية بيوت القرية وتدمير مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية وخلع أشجار الزيتون فيها.
من هناك، من القرية التي قدمت ولا زالت في سبيل حرية البلاد، تقف والدة الأسير محمد عاطف أبو عليا(١٩عاماً) سكان قرية المغير، قضاء مدينة رام الله، كجبل شامخ خلف اعتقال ابنها وملفه الإداري والأخبار الحديثة التي وردت لها عن معاناته من إصابة لا تعرف بعد فصول حكايتها.
والدة الأسير أبو عليا تواصل صبرها وتضحياتها من سنوات طويلة فقد نال زوجها الأسير عاطف أبو عليا حريته فقط منذ ما يقارب العام في صفقة الطوفان الأخيرة، وذلك بعد ١٥ عاماً ونصف متواصلة في سجون الاحتلال، كانت فيها هي الأم والأب والأخ لعائلتها، واليوم لا تزال مستمرة في ملاحقة زيارات المحامين واعتقال نجلها ولم يتح لها أن ترتاح من هذا العبء للحظة واحدة حتى الآن.
مكتب إعلام الأسرى تحدث مع والدة الأسير محمد أبو عليا للوقوف على ظروفه الاعتقالية ووضعه الصحي ومستجداته، ولعرض جملة من تضحيات هذه العائلة لأجل تراب وطنها، تقول والدة الأسير محمد أبو عليا" اعتقل الاحتلال ابني محمد بتاريخ ٢٦/١٠/٢٠٢٣، المحامية التي زارته في ذلك الوقت قبل أن تختلف أوضاع الزيارات لم تؤكد لي بصريح العبارة ما إذا كان تعرض لإصابة أو ضرب لحظة اعتقاله، ومع انقطاع الأخبار تماماً من سجون الاحتلال وصلني خبر جديد بعد جولة طويلة من محاولة إرسال محامي لزيارة نجلي محمد، وأكد لي فيه المحامي أن محمد يعاني من إصابة في قدمه تعيقه عن الحركة ولا يتم تقديم علاج حقيقي لها".
المحامي أبلغ عائلة الأسير أبو عليا بأنه لاحظ دخول الأسير له وهو "يعرج" في قدمه، وحين باشره بالسؤال بدا كأنه لا يريد إثارة قلق عائلته، وحين ألح المحامي أخبره بأن لديه إصابة في قدمه، وبأنه لا يستطيع الصلاة والوضوء واققاً كما وتغيب حركته بشكل طبيعي كذلك".
عائلة الأسير أبو عليا تجهل طبيعة هذه الإصابة حتى بعد زيارة المحامي، ولم يوضح نجلهم ماهيتها خوفاً عليهم وعلى مشاعرهم وكل ما أخبر محاميه هو أن يقول لعائلته بأنه لا بأس عليه وسيخضع لعلاج لأجلها فور حريته.
تؤكد والدة الأسير أبو عليا بأن كل ما تقدمه له إدارة السجن في النقب هو حبة مسكن لقاء الأوجاع الشديدة التي يعانيها في قدمه، ولا تزال تتابع تعيين زيارة جديدة له ومحاولة الحصول على أخبار أخرى تطمئن قلبها أكثر حول حقيقة إصابته.
انتظرت والدة الأسير أبو عليا من شهر يونيو الماضي وحتى مطلع هذا الشهر زيارة لنجلها بعد أن أصبح دخول محاميين لزيارة الأسرى أمراً في غاية الصعوبة والحصول على حجز زيارة أمراً أصعب بمراحل كذلك، وهي تؤكد بأنها سوف تواصل رحلتها في هذا الجانب حتى ينال نجلها حريته.
الأسير أبو عليا ومنذ ٢٢ شهراً لا زال يعاني من ملف اعتقال إداري متجدد، فقد حصل على أربع أوامر إدارية متجددة وفي المرة الأخيرة كانت عائلته تنتظر حريته بعد قرار جوهري ضد اعتقاله إلا أن الاحتلال جدد له أمر الإداري مرة رابعة مدة ٤ أشهر، وتأمل والدته أن يكون هذا التجديد الأخير له.
تؤكد عائلة الأسير أبو عليا بأنه كان يتعرض لاعتقالات سابقة ليوم واحد يتم التحقيق معه فيه وضربه ثم الإفراج عنه، وتشير والدته إلى أن ضابط المنطقة يهددها ويحذرها كل مرة من أنه سيعتقله إن استمر في الدفاع عن بلدته كسائر أبناء القرية.
عائلة الأسير أبو عليا تتعرض بشكل دوري لاعتداء الاحتلال المتمثل باقتحام المنزل وتوقيف الأب المحرر عاطف أبو عليا لساعات والتحقيق معه ومع ابنها الآخر وتدمير وتخريب محتويات المنزل، فقبل أيام فقط كان تعرض الأسير الذي نال حريته في صفقة الطوفان الأخيرة عاطف أبو عليا للتكبيل والتحقيق الميداني في أعقاب اقتحام القرية وإغلاقها لما يقارب ال٣ أيام، وهو أسير قضى ١٥ سنة ونصف من سنوات حياته في سجون الاحتلال وحين الإفراج عنه وجد ابنه محمد معتقلاً، كما ويتعرض نجله الآخر عامر لاعتقالات متكررة كذلك.
الاحتلال تعمد نقل الأسير محمد في وقت حرية والده من سجن عوفر حيث كان سيصل والده لسجن النقب حتى لا يلتقي به في سجن واحد، وفي الوقت الذي كانت العائلة ستغلق دفتر الاعتقالات الخاص بها، نال الأب حريته فيما أبقى الاحتلال أبواب سجنه مغلقة على الابن حتى إشعار آخر.