القانون الدولي الإنساني تحت المقصلة (3): واقع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال
تقرير/ إعلام الأسرى

منذ عقود يخوض الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال معركة البقاء الإنساني في مواجهة منظومة قمعية تستهدف أجسادهم وأرواحهم.

تتعدد الانتهاكات بين العزل الانفرادي، الإهمال الطبي، التجويع الممنهج، القمع النفسي والجسدي وقطع أخبارهم عن ذويهم.

يشكل الأسرى باسل الأسمر وفواز بعارة وأحمد سعدات نماذج لهذه السياسات، حيث تكشف معاناتهم تفاصيل منظومة عقابية متكاملة تهدف إلى كسر إنسانية الأسير وإضعاف عزيمته في مخالفة صارخة للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف.

أولًا: الأسير: باسل الأسمر 

العمر: 49 عاماً

السكن: بلدة بيت ريما – رام الله

تاريخ الاعتقال: 2002 بعد مطاردة طويلة

الوضع القانوني: محكوم بالسجن المؤبد + 20 عاماً إضافية

مكان الاحتجاز: سجن جانوت "نفحة"

الانتماء: من كوادر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين

أبرز الانتهاكات:

1. الضرب والتنكيل: تعرض لاعتداء مبرح على يد السجانين أصيب خلاله برضوض واضحة في جسده.

2. الحرمان من الزيارة: رفض استقبال المحامين بعد الاعتداء الأخير، ما أدى لانقطاع أخباره عن عائلته إلا عبر الأسرى المحررين.

3. التجويع الممنهج: فقد 37 كغم من وزنه (من 97 إلى 60 كغم) بسبب سياسة التجويع.

4. الإهمال الطبي: توقف علاجه لأسنانه منذ حرب السابع من أكتوبر، ما يجبره على طحن الطعام ليتمكن من تناوله.

5. الانتقام الممنهج: تعرض لعقوبات جماعية عقب زيارة بن غفير للسجون في إطار استهداف الأسرى ذوي الأحكام العالية.

6. الانتهاكات العائلية: حُرم من وداع والدته التي توفيت في يونيو الماضي، ولم يعلم بخبر وفاتها إلا بعد شهر .

ثانيا :الأسير فواز  بعارة

العمر: 55 عاماً

السكن: مدينة نابلس

تاريخ الاعتقال: 2004 بعد عشر سنوات من الإفراج عن اعتقاله الأول

الوضع القانوني: محكوم بالسجن المؤبد 3 مرات + 35 عاماً إضافية

مكان الاحتجاز: سجن جلبوع

الانتماء: من الحركة الأسيرة الفلسطينية

أبرز الانتهاكات:

1. الإهمال الطبي الممنهج: مصاب بمرض "الكتراكت" الذي تسبب بفقدان النظر في عينه اليسرى ويهدد بفقدانه البصر كاملاً دون علاج.

2. الأمراض المزمنة: يعاني من السرطان، وأجرى عملية أفقدته حاستي الشم والتذوق، إضافة إلى إصابته بمرض القلب وحاجته إلى عملية قلب مفتوح.

3. الحرمان من الحق في العلاج: ثلاث سنوات من المماطلة في إجراء عملية لعينيه رغم المطالبات المتكررة.

4. الحرمان من الوداع العائلي: حرم من وداع والدته بداية اعتقاله، ومؤخراً والده أيضاً، دون أن يلقي عليهما نظرة الوداع.

5. العقوبات الإنسانية: بسبب انقطاع الزيارات لم ير أبناءه لسنوات طويلة، حتى أن ابنه ناصر لم يتعرف عليه حين رآه بعد أربع سنوات.

6. التغريب والعزل عن العائلة: يعيش عزلة قسرية بعيداً عن زوجته وأبنائه الثلاثة، وسط أمراضه المستعصية وأحكام المؤبد.

ثالثا : الأسير أحمد سعدات

العمر: 72 عاماً

السكن: مدينة البيرة – رام الله

تاريخ الاعتقال: 2006 بعد اختطافه من سجن أريحا

الوضع القانوني: محكوم بالسجن 30 عاماً

مكان الاحتجاز: سجن مجدو – عزل انفرادي

الانتماء: الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين

أبرز الانتهاكات:

1. العزل الانفرادي الدائم: يقضي معظم وقته في زنزانة ضيقة 24 ساعة يومياً مع اقتحامات متكررة وتفتيشات مستمرة.

2. الاستهداف الصحي: يعاني من أمراض مزمنة أبرزها عودة مرض السكابيوس (الجرب) الذي ينهك جسده، وسط انعدام الرعاية الطبية.

3. الاعتداءات الجسدية: تعرض مراراً للضرب، آخرها في آذار 2024 أثناء نقله من ريمون إلى مجدو حيث تم تكبيله وتغميم عينيه والاعتداء عليه.

4. منع التواصل القانوني: تعمد الاحتلال عرقلة زيارات المحامين بما يضاعف من عزله السياسي والإنساني.

5. الحرمان من الحياة الإنسانية: ظروف سجنه القاسية تحرمه من أبسط حقوق الحركة والتواصل، في ظل عمره المتقدم.

6. استهداف رمزيته الوطنية: كأمين عام للجبهة الشعبية، يتعرض لعقوبات استثنائية تهدف لعزله عن الحركة الأسيرة ومنع تأثيره.

الانتهاكات في ضوء القانون الدولي 

- المادة (20) من قواعد مانديلا تضمن للأسير الحق في غذاء كاف وصحي، بينما يتعرض الأسرى لتجويع ممنهج.

- المادة (91) من اتفاقية جنيف الرابعة تُلزم دولة الاحتلال بتوفير رعاية طبية مناسبة وهو ما يحرم منه بشكل واضح.

الانتهاكات في ضوء القانون الدولي : 

- المادة (76) من اتفاقية جنيف الرابعة تُلزم باحتجاز المعتقلين في ظروف إنسانية بينما يحتجز  سعدات في عزل قاس.

- المادة (91) من اتفاقية جنيف الرابعة تلزم بتوفير أدوية وعلاج مناسب للأمراض المزمنة لكن الاحتلال يتعمد منعها.

- حرمان الأسير من العلاج يعد بموجب نظام روما الأساسي جريمة ضد الإنسانية باعتبارها "تصفية بطيئة".

انتهاكات الاحتلال للقانون الدولي الإنساني في التعامل مع الأسرى

رغم وضوح القواعد التي وضعها القانون الدولي الإنساني لحماية الأسرى والمعتقلين، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي حول الأسرى الفلسطينيين إلى ساحة مفتوحة لانتهاك هذه القواعد على نحو ممنهج.

تنص المادة الثالثة المشتركة من اتفاقيات جنيف الأربع على حظر التعذيب والمعاملة القاسية، وضمان ظروف احتجاز إنسانية، إلا أن الواقع داخل السجون الإسرائيلية يكشف عن ممارسات مناقضة تماما: عزل انفرادي يمتد لسنوات، حرمان من العلاج حتى الموت، اعتقال إداري دون تهمة أو محاكمة عادلة، وتعمد إذلال الأسرى في تفاصيل حياتهم اليومية.

كما تؤكد اتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984 أن أي شكل من أشكال التعذيب النفسي أو الجسدي محظور بشكل مطلق.  

غير أن الاحتلال جعل من التعذيب سياسة ثابتة، تبدأ من لحظة الاعتقال بالضرب والشبح والتحقيق الطويل ولا تنتهي عند الإهمال الطبي المتعمد الذي حصد أرواح عشرات الأسرى منذ بداية الحركة الأسيرة.

أما القانون الدولي لحقوق الإنسان، ولا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية فقد نص بوضوح على حق المعتقلين في مراجعة قضائية عادلة وفي معاملة إنسانية تحفظ كرامتهم.

لكن الاحتلال أفرغ هذه النصوص من مضمونها عبر محاكم عسكرية تفتقر للحد الأدنى من العدالة، وعبر منع الأسرى من زيارة محاميهم أو التواصل مع ذويهم الأمر الذي جعل من الاعتقال أداة عزل تام عن العالم الخارجي.

ورغم التوثيق الواسع لهذه الانتهاكات من قبل المؤسسات الحقوقية والأممية يواصل الاحتلال الإفلات من المساءلة الدولية، ما يعكس حالة انفلات من العقاب ويشجع على ارتكاب المزيد من الجرائم بحق الأسرى.

ويؤكد مكتب إعلام الأسرى في هذا السياق أن ما يتعرض له الأسرى الفلسطينيون "يمثل خرقا صارخا لكل القوانين والمواثيق الدولية، ويكشف عن ازدواجية المعايير في تعامل المجتمع الدولي مع جرائم الاحتلال، الأمر الذي يجعل حياة الأسرى وكرامتهم الإنسانية مهددة على نحو يومي".

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020