أكد مركز فلسطين لدراسات الأسرى أن سلطات الاحتلال اعتقلت أكثر من (12 ألف) مواطن فلسطيني من قطاع غزة منذ حرب الإبادة على القطاع في السابع من أكتوبر 2023، بينهم العشرات من الكوادر الطبية وعناصر الدفاع المدني والصحفيين، ولا يزال يحتجز منهم حوالي (3500) أسير.
وأوضح مركز فلسطين أن الاحتلال نفذ خلال حرب الإبادة على قطاع غزة، والمستمرة منذ حوالي 20 شهراً، حملات اعتقال جماعية بحق المدنيين في مراكز الإيواء والمدارس والمنازل والممرات الآمنة، واعتقل ما يزيد عن (12) ألف مواطن بشكل همجي وغير مسبوق، بينهم نساء وأطفال ومرضى وكبار سن، وتبجح بذلك عبر نشر صور ومقاطع فيديو تُظهر المعاملة غير الإنسانية بحق المعتقلين.
وبيّن مركز فلسطين أن آخر حملات الاعتقال التي نفذها الاحتلال كانت في شمال قطاع غزة باقتحام مركز إيواء في إحدى المدارس خلال شهر مايو الجاري واعتقال كافة الرجال، حيث بلغ عدد المعتقلين حوالي (700) مواطن. وسبقها في مارس الماضي اعتقال عدة مئات من المواطنين العُزّل الهاربين من جحيم القصف في غرب مدينة رفح جنوب القطاع، بعد حصار منطقة تل السلطان، رغم أنهم امتثلوا لأوامر الاحتلال بالتوجه إلى تلك المنطقة باعتبارها منطقة آمنة وممرًا للخروج إلى منطقة المواصي.
وأضاف مركز فلسطين أن الاحتلال، لاستيعاب تلك الأعداد الكبيرة من المعتقلين، افتتح معسكرات اعتقال ومراكز تحقيق جديدة تتبع لجيش الاحتلال مباشرة ولا تتبع إدارة السجون، ومارس فيها كل أشكال التنكيل والتعذيب المحرّمة دوليًا، ومن أبرزها معتقل "سيديه تيمان" في النقب، ومعسكر اعتقال خاص في سجن عوفر، ومعسكر يتبع لسجن النقب الصحراوي، ومركز تحقيق "منشه"، ومعسكر اعتقال "نفتالي"، وقسم "ركيفت" الذي أُقيم تحت الأرض في الرملة.
وأشار مركز فلسطين إلى أن الاحتلال مارس كافة أشكال التنكيل والتعذيب بحق المعتقلين بدءًا من اعتقالهم بطريقة مرعبة وهمجية، وتهديدهم بالقتل، وإطلاق النار عليهم، وإعدام المئات منهم بدم بارد، وإجبار الرجال منهم على خلع ملابسهم حتى في أوقات المطر والبرد القارس، وتقييد أيديهم وعصب أعينهم، ونقلهم بالعشرات بطريقة غير آدمية، ويتم التحقيق معهم ميدانيًا في أماكن استحدثها الاحتلال لهذا الغرض، ومن ثم إطلاق سراح جزء منهم بينما يتم نقل الآخرين إلى مراكز التحقيق مكدّسين داخل شاحنات مفتوحة وهم عراة.
ونوّه مركز فلسطين إلى أن الاحتلال أفرج خلال شهور حرب الإبادة عن آلاف المعتقلين بعد اعتقال لفترات مختلفة امتدت من عدة ساعات إلى أكثر من عام ونصف، وحسب شهادات المفرج عنهم أكدوا أنهم تعرضوا لعمليات تعذيب قاسية طالت كرامتهم وإنسانيتهم، وتم تقييدهم وعصب أعينهم لفترات طويلة استمرت لأكثر من أسبوع بشكل متواصل، وتعرضوا للضرب على كل أنحاء الجسم، والصعق بالكهرباء في أماكن حساسة، وحُرموا من قضاء الحاجة واضطروا لقضائها في ملابسهم، ونهشتهم الكلاب البوليسية المتوحشة، وتم تعليقهم من أيديهم لساعات طويلة، إضافة إلى انتهاك آدميتهم باغتصاب عدد من الأسرى وتهديد الآخرين المستمر بالاغتصاب والتحرش.
كما حُرموا من أبسط مقومات الحياة، ولم يُسمح لهم بتغيير ملابسهم طوال شهور، كما حُرموا من الاستحمام وأداء الصلوات، ويقبعون في أقسام للخيام شديدة الحرارة في الصيف والبرودة في الشتاء، وحُرموا من الطعام الكافي، ولا يُقدم لهم أي نوع من أنواع العلاج، علمًا بأنهم جميعًا أصيبوا بالأمراض الجلدية والدمامل والالتهابات والحكة الشديدة مع انعدام النظافة وأدوات التنظيف، الأمر الذي أدى لارتقاء 44 شهيدًا معلومي الهوية من القطاع، والعشرات لا زالوا مجهولين، إضافة إلى مئات الشهداء ممن تم إعدامهم ميدانيًا بعد اعتقالهم والتحقيق معهم وهم مقيّدون الأيدي والأرجل.
وكشف مركز فلسطين أن كافة أسرى غزة الذين أُفرج عنهم تم نقلهم إلى المستشفيات مباشرة نتيجة سوء أوضاعهم الصحية والهزال الشديد الذي يعانون منه نتيجة التحقيق والتعذيب وسياسة التجويع والظروف القاسية التي عاشوها، وبعضهم خرج فاقدًا للذاكرة، وبعضهم أُصيب بإعاقات دائمة وبُترت أعضاء من أجسادهم، بينما يعترف الاحتلال باستمرار اعتقال حوالي (1846) من قطاع غزة، تم تصنيفهم تحت قانون "مقاتل غير شرعي" وهو اعتقال مفتوح، رغم أن التحقيق معهم أكد أن لا علاقة لهم بالمقاومة أو العمل المقاوم، ولا يوجد لديهم أي معلومات هامة تخدم عمليات الاحتلال، وأن ما يتعرض له المعتقلون يأتي في إطار الانتقام وممارسة السادية بحق الأسرى المدنيين العزّل.
وهذا العدد الذي أعلنه الاحتلال لا يشكّل الأعداد الدقيقة لمعتقلي غزة، حيث لا يزال الاحتلال يتكتم على مصيرهم وأعدادهم أو ظروف اعتقالهم، ضمن جريمة الإخفاء القسري، بينما نقدّر أن الاحتلال لا يزال يعتقل 3500 أسير.
وطالب مركز فلسطين المؤسسات الدولية بضرورة التدخل العاجل وتحمل مسؤولياتها تجاه ما يجري من جرائم واضحة ومباشرة بحق المعتقلين من غزة، والأسرى بشكل عام، والتي تُعرض حياتهم للموت المباشر، حيث استُشهد 70 أسيرًا منذ السابع من أكتوبر 2023، منهم 44 أسيرًا من قطاع غزة ممن عُرفت هوياتهم فقط.