في سجن الدامون، حيث تختلط رائحة الغاز بصرخات الحرائر، تقبع الأسيرة ولاء حسن حسين حوتري (مواليد 13 يناير/كانون الثاني 1989) من مدينة قلقيلية، أم لأربعة أطفال: صبحي، سارة، فداء، وعلاء. أمٌ انتُزعت من بيتها فجرا، وسُجنت بين الجدران، لكنها بقيت أما تقرأ ملامح أبنائها في ذاكرتها، وتحرسهم بالدعاء.
"أنا قويّة زيّ أخوي سعيد الشهيد"، هكذا تصف ولاء نفسها، وتُطمئن قلب والدها الذي أوصته بالاهتمام بصحته، كما أرسلت سلاما حارا لأشقائها في الأردن: محمد، حسين، ووسام، ولكل العائلة، ولطفلتها رؤيا الشقراء، وقالت بحنين: "يبوّسولي رؤيا، كثير مشتاقتلها".
اعتُقلت ولاء فجر يوم 21 أيار/مايو 2025، واقتيدت إلى مستوطنة "أريئيل"، ثم نُقلت لأربعة أيام إلى العزل في سجن الشارون، هناك ذاقت الوحدة والخوف، ثم أُرسلت إلى الدامون، لتبدأ رحلة من الألم والقوة.
لم تكن أيامها هادئة في الأسر، "مبارح صارت قمعة لئيمة، بس بسبب خربشات على الحيط في غرفة 6، مكتوب فيها (ما الحكم إلا لله)"، هكذا وصفت آخر الاعتداءات داخل القسم، والتي بدأت برفض الأسيرات التصوير بجانب الجملة، فانفجر السجن بقمع غاز، وتبعه تهديد من مدير السجن وتقليص وقت الفورة، وإغلاق الأشناب، وقرارات تقشفية في الطعام. "الضغط صعب، الوضع سيء جدا".
ولاء محرومة من العلاج رغم معاناتها من فقر دم، كانت تصوم لكن أُجبرت على التوقف بسبب الإعياء والدوخة، ولا تزال تنتظر بصبر الرعاية الصحية التي لا تأتي.
من غرفتها رقم 10، ترافقها أسيرات قويات أيضا:
ماسة غزال التي تسأل عن أخيها في رام الله وتحنّ لطبق مدلوقة وفتوت.
بشرى قواريق التي أصبحت تلقب بـ"عروس الدامون"، وسماح صوف من قلقيلية، وكرمل الخواجا، وتسنيم بركات التي فرحت لأن أختها أمينة ارتدت الجلباب وقالت إنه "حلو عليها".
أرسلت ولاء سلاما خاصا إلى ضحى، زوجة أخيها علاء، وقالت عنها: "هي أكثر من أخت، علاء أمانة عندها، خلها تدير بالها على ولاد حياة أخوي علاء"، ثم همست بنداء مكسور: "سامحوني يمّا، مشتاقة كثير للأولاد".
في ختام رسالتها، وبعد أن فاضت كلماتها بالشوق، والوجع، والكرامة، بقيت ولاء كما قالت عن نفسها:
"أنا قويّة زيّ أخوي سعيد الشهيد".