في عمر الثامنة عشرة فقط:
الأسير محمد الدحروكي مناضلٌ فمطاردٌ فأسيرٌ على شفا حفرةٍ من الاعتقال الإداري
رام الله – مكتب إعلام الأسرى

 تتحدث الأم الفلسطينية دائماً عن أبنائها وكأنهم أكبر كنوزها التي ادخرتهم في حياتها الدنيا، تنطق بتفاصيل أعمارهم وتتبع مراحل حياتهم جزءاً جزءاً، وبالنسبة لها فهم لا يكبرون أبداً، وفي كل حكايات الأسرى وتفاصيل حياتهم ما قبل الاعتقال وبعده، لابد من صورة بطولية للأم، صورة ما كانت هي وليدة هذا العطاء، كل هذا ولا تحيل الأم بالاً لعمر وليدها الأسير وهي تتحدث عنه، إن كان شاباً تحيله للمتحدث طفلاً، فكيف إن كان في عمر الطفولة.  

منال الدحروكي، والدة الأسير محمد صباغ فهد سلامة الدحروكي، كانت تصر على أن تعطي عمره قبل كل شيء بمزيدٍ من تفصيلٍ حين قالت لمكتب إعلام الأسرى، دخل ابني عمر الثامنة عشرة فقط منذ 11 شهراً، دخل هذا العمر وهو مغيبٌ عني في سجون الاحتلال، وإن كان حتى في غيابه حاضراً.  

قبل أيام قليلة تلقت عائلة الأسير الدحروكي خبراً مفاده أن ابنها جرى نقله لما يسمى "عيادة سجن الرملة" ، وأكدت العائلة في حينها أن وضعه الصحي ليس جيداً، فهو مصاب بمرض السكابيوس المرض الجلدي المنتشر بين الأسرى ونتيجة لتفاقم حالته الصحية اضطرت إدارة السجن لنقله لعيادة الرملة.  

تتحدث والدته لمكتب إعلام الأسرى مؤكدة على أن نجلها غادر عيادة الرملة عائداً إلى للسجن، وهو متواجد اليوم في سجن مجدو، وبقلبها المتتبع لأدق أخباره تقول" حتى يوم الخميس وكما أبلغني المحامي فمحمد موجود في قسم 1 في غرفة 3 في سجن مجدو"، لا تعلم العائلة بشيء من الدقة الوضع الصحي الكامل لنجلهم تعلم فقط أن صحته ليست على ما يرام، وأن الأكل الذي تقدمه له إدارة السجن شحيح، وترجو أنه في طريقه للتعافي كما أبلغها محامي نجلها.  

الأسير الدحروكي ورغم صغر سنه إلا أنه شكل هاجساً للاحتلال، فقد مكث فترة ليست بالقليلة مطلوباً ومطارداً قبل أن يصبح اليوم أسيراً، تقول والدته منال الدحروكي" اعتقل محمد بتاريخ 22/2/2025، كان برفقة عدد من أصدقائه من مخيمه مخيم نور شمس، جلهم من المطاردين والمطلوبين لقوات الاحتلال، وفي الساعة الثالثة صباحاً من ذلك اليوم، تحديداً في قرية بلعا، شرق طولكرم، أحاطت القوات الخاصة منزلاً، وهددت من فيه بقصفه بقذائف الأر بي جي، وعبر مكبرات الصوت طالبتهم بتسلم أنفسهم على الفور وإلا تم قصف المنزل بمن فيه".  

بهذا انتهت فترة من نضال الأسير الشبل الدحروكي وأصبح اليوم مناضلاً من نوعٍ آخر في سجون الاحتلال، من بين أكثر من 10 آلاف أسير يتعرضون يومياً لجملة من الانتهاكات التي تتنافى مع كل معايير حقوق الإنسان.  

بشيءٍ من توددٍ وتحبب تقول أمه واصفة سنه الغض" في السجن يقولون له دحروكي صغير ولا ينادونه باسمه أبداً، نظراً لصغر سنه"، الأسير محمد بالنسبة لإدارة السجن غادر قسم الأشبال بعد أن وصل عمره ال18 عشر، ونقل لقسم آخر، لكنه وبالنسبة لوالدته لا يزال ابنها الحبيب المدلل.  

ينتظر الأسير الدحروكي محكمة بتاريخ 22/9/2025 القادم، وتتخوف عائلته من تحويل ملفه من قضية إلى اعتقال إداري، وتأمل ألا يحدث ذلك، وأن تكون حرية نجلها قريبة ليعيد إلى منزله شيئاً من الفرح الذي غادره منذ وقتٍ طويل، فالعائلة تحمل في سجلاتها ألماً آخر يطوف في أرجاء البيت.  

محمد هو الأخ الخامس في عائلته، فقد منزله  شقيقه عبد الجابر الدحروكي شهيداً، وفقط قبل أيام كانت الذكرى السنوية الأولى لارتقاء شقيقه الذي قضى نحو العلا شهيداً بتاريخ /8/2024، بعد أن استهدفه الاحتلال عبر قصف طائرة مسيرة له في طولكرم، ولم يتح لمحمد أن يتشارك مع عائلته هذا اليوم ويقف إلى جانب والدته مسانداً ومخففاً من آلامها، كما أن العائلة تعرضت لجملة من الانتهاكات لم تنتهي باعتقال ابنٍ واغتيال آخر فقد اعتقل الاحتلال والدهم كذلك وتعرض ابنهم للضرب على يد قوات الاحتلال.  

يبقى الأسير الدحروكي في انتظار قرار مجحف بحقه، باتت سلطات الاحتلال تنتهجه بعد حرب السابع من أكتوبر، تتمثل في إصدار أوامر اعتقال إدارية عشوائية بحق الأسرى، في الوقت الذي لم يعد هناك سقف محدد للاعتقال الإداري كما كان سابقاً، وأصبح السجن اليوم مصيدة لنهش أعمار الشباب الفلسطيني.

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020