ضحايا القيد : أطباء غزة في قبضة الاحتلال
الدكتور أكرم أبو عودة نموذجا لاستهداف الطواقم الطبية في غزة
تقرير/ إعلام الأسرى

في مشهد يجسد بشاعة القمع الإسرائيلي وتجاوزاته المستمرة لأبسط الأعراف الإنسانية تواصل سلطات الاحتلال اعتقال الطواقم الطبية الفلسطينية في قطاع غزة، لتضيف إلى مآسي الحرب مأساة جديدة.

أحدث هذه الجرائم تمثلت في اعتقال الدكتور أكرم حسن أبو عودة، رئيس قسم جراحة العظام في المستشفى الإندونيسي شمال القطاع، بتاريخ 23 نوفمبر 2024، أثناء أدائه لواجبه الإنساني في إنقاذ الجرحى وسط القصف والتصعيد والدمار.

من هو الدكتور أكرم أبو عودة؟

الدكتور أكرم حسن أبو عودة طبيب فلسطيني من بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة، ولد في السادس والعشرين من فبراير عام 1964. نشأ في بيئة بسيطة، وكرس حياته لخدمة أبناء شعبه، فاختار طريق الطب، وحمل رسالته بصدق وإخلاص تخصص في جراحة العظام ونال درجة الماجستير من جامعة صوفيا في بلغاريا ثم عاد إلى وطنه ليكون عونا للجرحى والمصابين لا سيما في أصعب الظروف.

في المستشفى الإندونيسي شمال القطاع شغل الدكتور أكرم منصب رئيس قسم العظام، وكان من أبرز الأطباء الذين تصدوا لمهمة إنقاذ الأرواح في عز القصف، متسلحا بمعطفه الأبيض وإيمانه الإنساني، لا يخاف الموت، ولا يتأخر عن واجب. وبينما كان يؤدي عمله وسط العدوان، اقتحمت قوات الاحتلال المستشفى واعتقلته ليصبح الطبيب الذي طالما عالج الجرحى جريحا خلف القضبان.

ورغم ألمه وظروف اعتقاله القاسية، ظل اسمه رمزا للطبيب الحر، الذي لم ينحن يوما إلا لضميره، ولم يداوِ إلا بصدق، ولم يعرف سوى أن الإنسان يستحق العلاج.

تفاصيل الاعتقال والانتهاكات 

نقل الدكتور أكرم أبو عودة إلى سجن عوفر العسكري حيث لا يزال محتجزا حتى اليوم.

تعرض أثناء فترة اعتقاله لـ التعذيب الجسدي والنفسي، ويعاني من آلام حادة في أنحاء جسده نتيجة الضرب وسوء المعاملة بحسب شهادات من داخل السجن.

الاحتلال برر اعتقاله بأنه قدم الرعاية الطبية لمصابين خلال الحرب، من بينهم  وفق زعمه جنود إسرائيليون أسرى ، وهو اتهام باطل يتعارض مع كافة الأعراف والقوانين الدولية التي تكفل حماية الأطباء في زمن الحرب وتمنع معاقبتهم على تأدية واجبهم الإنساني دون تمييز بين المرضى.

الطواقم الطبية خلف القضبان: قائمة الأطباء المعتقلين  

اعتقال الدكتور أبو عودة  يأتي ضمن سياسة ممنهجة لاستهداف الكوادر الطبية الفلسطينية.

فحتى تاريخ إعداد هذا التقرير، ما لا يقل عن 24 طبيبا من قطاع غزة يقبعون في سجون الاحتلال في ظروف احتجاز مهينة ولا إنسانية.

قائمة الأطباء المعتقلين:

1. د. حسام أبو صفية

2. د. أمير التيان

3. د. أحمد موسى

4. د. مؤنس محيسن

5. د. أحمد مهنا

6. د. عبد الله أبو الجديان

7. د. غسان أبو زهري

8. د. أكرم أبو عودة

9. د. بلال المصري

10. د. حسن المقيد

11. د. مراد القوقا

12. د. خالد صيام

13. د. عصام رضوان

14. د. محمد حمودة

15. د. محمود الحلاق

16. د. رائد مهدي

17. د. ناهض أبو طعيمة

18. د. عوني جعوانة

19. د. محمد أبو عبيد

20. د. أحمد شحادة

21. د. مصعب سمعان

22. د. حمزة أبو صبحة

23. د. مدحت أبو طبنجة

24. د. مروان الهمص

أطباء ارتقوا شهداء في سجون الاحتلال

لم يتوقف استهداف الأطباء عند حدود الاعتقال إنما تعداه إلى الإعدام البطيء والتصفية داخل السجون تحت غطاء التعذيب والإهمال الطبي والاختفاء القسري.

ففي 19 أبريل/نيسان 2025، استُشهد الطبيب عدنان البرش  الجراح الفلسطيني البارز  داخل سجن عوفر بعد أشهر من اعتقاله أثناء وجوده في مستشفى العودة شمال غزة وهو يؤدي واجبه مع طاقم طبي خلال الحرب.  

وكان الدكتور عدنان قد أصيب خلال عمله في المستشفى الإندونيسي لكن الاحتلال لم يرحم جراحه، ولا مهنته، وارتقى داخل السجون  فيما لا يزال جثمانه محتجزا حتى اليوم.

وفي مشهد لا يقل بشاعة استشهد الطبيب إياد الرنتيسي  رئيس قسم الولادة في مستشفى كمال عدوان داخل مركز تحقيق تابع لجهاز الشاباك الإسرائيلي في مدينة عسقلان بعد أسبوع فقط من اعتقاله في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.  

وكشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أن الرنتيسي توفي خلال الاستجواب ليكون الشهيد الثاني من الطواقم الطبية المعتقلة، في ظل غياب أي رقابة أو مساءلة، واستمرار جريمة الإخفاء القسري بحق أطباء غزة.

نداء إنساني وحقوقي عاجل 

مكتب إعلام الأسرى يدعو منظمة الصحة العالمية واللجنة الدولية للصليب الأحمر ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان ، واتحاد الأطباء العرب والهيئات الطبية الدولية إلى:

1. التدخل الفوري للإفراج عن الدكتور أكرم أبو عودة وجميع الأطباء المعتقلين.

2. فتح تحقيق عاجل في استشهاد عدنان البرش وإياد الرنتيسي داخل السجون الإسرائيلية.

3. محاسبة المسؤولين عن تعذيب الطواقم الطبية الفلسطينية وملاحقتهم قانونيا

4. توفير الرعاية الصحية والضمانات القانونية للمعتقلين وفقا للقانون الدولي الإنساني.

إن استهداف الأطباء في قطاع غزة جريمة موثقة، لا تغتفر، وتشكل خرقا واضحا للقانون الدولي الذي يلزم باحترام العاملين في الحقل الطبي وتحييدهم عن ساحات الصراع.

اعتقال الدكتور أكرم أبو عودة وزملائه واستشهاد الدكتورين عدنان البرش وإياد الرنتيسي تحت التعذيب هو اعتداء على إنسانية المهنة وامتداد لسياسة إسرائيلية تهدف إلى تفريغ غزة من أذرعها الإنسانية ومنع حق الفلسطيني في الحياة والعلاج والبقاء.

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020