الأسير عبد الكريم الحلبي.. ابن البلاد الذي قضى عمره في سجون الاحتلال أكثر مما عاشه في بيته
تقرير/ إعلام الأسرى

 في سنٍ غضٍ بدأت رحلة الأسير عبد الكريم الحلبي(52عاماً) سكان بلدة روجيب، قضاء مدينة نابلس، رحلة لم تنته حتى هذا اليوم، فمنذ أكثر من 32 عاماً مضت والأسير الحلبي يصارع جملة من الاعتقالات المتكررة، فما يلبث يخرج حراً ليمارس حياته الطبيعية رفقة عائلته، حتى يعمد الاحتلال إلى اعتقاله مجدداً، حتى بلغ عدد اعتقاله قرابة ال10 مرات، وهي ليست أرقام صماء حين نتحدث عن أسير يمتلك عائلة وأبناء، يحبون كما غيرهم أن يظفروا بلحظةٍ من استقرار، استقرارٍ لم تعرف العائلة معناه منذ سنوات طويلة.  

تؤكد زوجة الأسير الحلبي على أنها ارتبطت به منذ 23 عاماً، 16 سنة منها قضاها في سجون الاحتلال، أي أنها عاشت معه 7 سنوات فقط، غير مجتمعةٍ حتى، ورغم ذلك فهي الزوجة الصابرة التي تبحث عن أدق الأمور التي بإمكانها أن تقويها في ساعة الشدائد وحين تغزو الأفكار دماغها.  

اليوم يواجه الأسير الحلبي ملف اعتقالٍ إداري، وهو اعتقال استثنائي بالنسبة له، لأنه جاء ما بعد حرب السابع من أكتوبر، وصدر بحقه في هذا الاعتقال أمرٌ إداري، في الوقت الذي يؤكد فيه عدد من محامي الأسرى على أن الملف الإداري أصبح ملفاً عشوائياً بلا سقفٍ ولا تهمٍ ولا تفاصيل تذكر، مجرد اعتقال احترازي للأسير.  

عبد الكريم الحلبي أسيرٌ من بين أكثر من 3600 أسير إداري، 90% منهم رفضت الملفات المتعلقة بهم والتي تم توجيهها إلى محاكم الاستئناف والعليا، أسرى بأوامر إدارية متجددة لا تنتهي، حتى أن وصل تجديدها لعددٍ منهم لأكثر من 10 مرات.  

تتحدث زوجة الأسير الحلبي عن اعتقالاته فلا تسعفها الكلمات، لكنها تحفظها غيباً، فاللحظات الصعبة لا يمكن أن تغادر الذاكرة بسهولة، تقول" بتاريخ 4/9/2019، اعتقل عبد الكريم، كنت آنذاك حامل بابنتنا شام كنت وصلت الشهر السادس، وأنجبتها وهو في سجون الاحتلال، ولم تتح له فرصة مشاركتنا هذه الفرحة".  

نال عبد الكريم حريته آنذاك بتاريخ 18/11/2020، وما هي إلا أشهر حتى أعاد الاحتلال اعتقاله بتاريخ 8/12/2021، تقول زوجته" آنذاك كنت حاملاً بابنتنا سارة، وقد خرج عبد الكريم بتاريخ 4/4/2023، كان عمر سارة في وقتها 9 أشهر، كان ابنه البكر إبراهيم على مقاعد الامتحانات الثانوية، أتيح له في هذه المرة أن يشاركه فرحته ونتائجه وامتحاناته، واصطحبه للجامعة ليشاركه فرحة تسجيله فيها".  

6أشهر فقط من اللحظات السعيدة التي حاول الأسير الحلبي أن يقتنصها من الزمن، ويسجل أكبر قدرٍ ممكن من الذكريات الطيبة والتي لعلها تنسيه ألم الشوق في أسره، 6 أشهر فقط حتى اعتقل مجدداً بتاريخ 17/10/2023، وحتى اليوم لا يزال معتقلاً بملفٍ إداريٍ متجدد لم يكن الأول ضمن سلسلة اعتقالاته.  

محاكم الاحتلال جددت أمر الاعتقال الإداري للأسير الحلبي منذ اعتقاله الحالي (4مرات) بواقع(6شهور في كل مرة) ، ولا يزال الأسير الحلبي قيد الأمر الإداري الأخير، في انتظار ما سيؤول له ملفه من تمديدٍ أو عدمه وهو ما لا تعلمه العائلة بعد.  

اعتقالات الأسير الحلبي لم تكن وليدة العام 2019 أبداً، فقد بدأت اعتقالاته منذ العام 1994، لم يكن في حينها قد أتم سنيه العشرين بعد، حتى نال حكماً مدته 16 شهراً، تحرر بعدها ليعاد اعتقاله مجدداً بعد أربع سنوات، وهذه المرة قضى مدة عامين في سجون الاحتلال، تعرض فيها إلى تعذيب جسدي وكسر الفك السفلي، وأفرج عنه عام 2000.  

حتى العام 2009، كان مجموع ما أمضاه الأسير الحلبي في سجون الاحتلال قد وصل إلى ما يقارب ال8 سنوات، تكرر فيها اعتقاله (5مرات) بواقع حكم مدته ما بين(عام إلى عامين)، في هذه الفترة كان الأسير الحلبي قد رزق بابنيه إبراهيم ويارا، وحكم عليه في هذا الوقت مدة 4 سنوات وشهرين.  

أبناء الأسير الحلبي كوالدتهم لا يعرفون والدهم إلا عبر 7 سنوات على فترات متفرقة عاشوها سوياً، دون حقٍ في الاستقرار أو الحياة الطبيعية، التي يكاد يحرم منها كل بيت فلسطيني.

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020