تقرير حقوقي: شهادة الأسير المحرر محمد كامل خليل عمران حول انتهاكات الاحتلال بحق الأسرى بعد حرب الإبادة
تقرير/ إعلام الأسرى

يروي هذا التقرير شهادة الأسير المحرر محمد كامل خليل عمران، من مدينة الخليل، المعتقل سابقا منذ 9 ديسمبر 2002، والمحكوم بالسجن المؤبد (13 مؤبدا)، وأفرج عنه في صفقة طوفان الأحرار الثالثة.

أولا: مقدمة

يروي الأسير المحرر محمد عمران تفاصيل الانتهاكات التي تعرض لها الأسرى الفلسطينيون داخل السجون الإسرائيلية عقب اندلاع الحرب على غزة في السابع من أكتوبر 2023، وما تبعها من إجراءات عقابية جماعية ترقى إلى مستوى جرائم المعاملة القاسية والتعذيب بموجب القانون الدولي الإنساني واتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984.

ثانيا: الإجراءات العقابية الجماعية بعد السابع من أكتوبر

أوضح الأسير عمران أن إدارة سجون الاحتلال باشرت فور اندلاع العملية العسكرية بفرض عقوبات شاملة تمثلت في:

1. قطع التيار الكهربائي عن الأقسام والسجون بشكل كامل، ما أدى إلى حرمان الأسرى من وسائل التدفئة والإنارة والتواصل.

2. عمليات اقتحام وتفتيش واسعة داخل الغرف والأقسام باستخدام القوة المفرطة.

3. تجريد الأسرى من جميع مقتنياتهم الشخصية، بما في ذلك الملابس الإضافية، الأدوات الأساسية، والاحتياجات المعيشية.

4. نقل الأسرى تعسفيًا بين الأقسام دون مبررات قانونية أو أمنية واضحة.

5. الاعتداء الجسدي المتعمد على الأسرى أثناء عمليات النقل أو التفتيش، باستخدام العصي والأيدي والأدوات الصلبة.

ثالثا: أنماط التعذيب وسوء المعاملة

أكد عمران أن طبيعة الضرب خلال تلك الفترة لم تكن بغرض التأديب، بل "ضرب بهدف الموت"، وهو ما يُعد انتهاكًا صارخًا للمادة (1) من اتفاقية مناهضة التعذيب، التي تُعرّف التعذيب بأنه أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد جسديًا أو نفسيًا يُلحق بشخص ما بقصد التخويف أو العقاب.

وأشار إلى أن السجانين صرحوا للأسرى بعبارات تهديد مباشرة، منها: "لدينا قرار بقتلكم، لكنكم لا تعطوننا مبررًا، لذلك سنواصل ضربكم حتى الموت".

هذه الممارسات تكشف عن نية ممنهجة لإيذاء الأسرى دون أسباب قانونية، وترسخ سياسة الإعدام البطيء التي تستخدمها مصلحة السجون بحقهم.

رابعا: انهيار مقومات الحياة الإنسانية داخل السجون

أوضح الأسير عمران أن جميع المنجزات التي حققتها الحركة الأسيرة عبر نضالاتها الطويلة سُحبت بشكل مفاجئ، بما في ذلك:

- تنظيم الحياة اليومية داخل الأقسام.

- إمكانية النوم أو الراحة في ساعات الليل.

- الحد الأدنى من الخصوصية الإنسانية.

تحولت السجون  بحسب وصفه  إلى "سجون داخل السجون"، حيث يعيش الأسرى في عزلة تامة، وحرمان متواصل، ومراقبة مشددة على مدار الساعة.

خامسا: الآثار النفسية والجسدية

أدت سياسة القمع المتواصلة إلى تدهور الحالة النفسية والصحية للأسرى:

- حالات فقدان للوزن نتيجة التجويع.

- كدمات وجروح نتيجة الضرب اليومي.

- اضطرابات في النوم والرهاب الليلي بسبب الاقتحامات المفاجئة.

- حالات إغماء وتشنجات عصبية لم يتم نقل أصحابها للعلاج.

يؤكد عمران أن هذه الانتهاكات نُفذت بتعليمات مباشرة من ضباط إدارة السجون وبغطاء من المستويات السياسية والأمنية الإسرائيلية، ما يجعلها سياسة دولة وليست تصرفات فردية.

سادسا: التكييف القانوني للانتهاكات

تشكل هذه الأفعال مجتمعة خروقات جسيمة:

- للمادة (3) من اتفاقيات جنيف الرابعة التي تحظر المعاملة القاسية والمهينة.

- للمادة (7) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تنص على حظر التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية.

- وللمادة (32) من اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين في زمن الحرب.

- كما يمكن تصنيف هذه الممارسات ضمن جرائم الحرب والاضطهاد المنهجي بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (المادتان 7 و8).

سابعا: التوصيات

استنادا إلى شهادة الأسير محمد عمران، يوصي التقرير بما يلي:

1. فتح تحقيق دولي مستقل في الانتهاكات التي شهدتها السجون الإسرائيلية بعد 7 أكتوبر 2023.

2. تمكين المؤسسات الحقوقية الدولية من زيارة السجون والاطلاع على أوضاع الأسرى.

3. محاسبة المسؤولين الإسرائيليين عن سياسات القمع والتعذيب بحق الأسرى.

4. تقديم الرعاية الطبية والنفسية الفورية للأسرى الذين تعرضوا للضرب أو فقدوا ممتلكاتهم.

5. تفعيل دور اللجنة الدولية للصليب الأحمر في مراقبة ظروف الاعتقال وضمان الحد الأدنى من المعايير الإنسانية.

تشكل شهادة الأسير محمد كامل عمران وثيقة حقوقية إضافية ضمن مئات الشهادات التي توثق مرحلة "القمع الشامل" بعد 7 أكتوبر. وهي تؤكد أن ما يجري في السجون الإسرائيلية  منظومة ممنهجة من الانتهاكات ترقى إلى مستوى جرائم حرب تستدعي تحركا عاجلا من المجتمع الدولي والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان.

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020