أكد مركز فلسطين لدراسات الأسرى أن سلطات الاحتلال صعّدت خلال الشهر الماضي من حملات الاعتقال بحق أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة والقدس المحتلتين، حيث رصد المركز (570) حالة اعتقال خلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
ونوّه المركز إلى أن حالات الاعتقال التي تم رصدها لا تشمل عمليات الاعتقال الجماعي التي نفذتها سلطات الاحتلال في معظم مدن وقرى الضفة المحتلة، وطالت المئات من المواطنين الذين يُقتادون في طوابير طويلة بشكل مهين، وبعضهم بملابس النوم، بعد تقييد أيديهم وعصب أعينهم إلى أماكن ميدانية معدة للتحقيق، عقب الاستيلاء على منازل المواطنين وإخراج أصحابها وتحويلها إلى ثكنة عسكرية ومركز تحقيق ميداني بإشراف ضباط “الشاباك”. ويتم الإفراج عن غالبيتهم بعد ساعات من التحقيق، فيما يُنقل آخرون إلى مراكز التحقيق الرسمية.
وأوضح مركز فلسطين أن إجمالي حالات الاعتقال التي نفذتها سلطات الاحتلال بعد السابع من أكتوبر وحتى نهاية نوفمبر في الضفة الغربية والقدس وصل إلى نحو (21 ألف) حالة اعتقال، طالت (610) امرأة وفتاة، وحوالي (1600) طفل، وآلاف الأسرى المحررين. كما اعتقلت قوات الاحتلال خلال نوفمبر الماضي (570) مواطنًا بينهم (8) سيدات و(41) قاصرًا، وارتقى أسير في سجون الاحتلال
وأعادت سلطات الاحتلال خلال الشهر الماضي اعتقال النائب المقدسي المُبعد عن القدس محمد أبو طير (75 عامًا) بعد مداهمة المنزل الذي يقيم فيه في بلدة دير صلاح ببيت لحم. وهو أسير سابق اعتُقل مرات عديدة وأمضى ما مجموعه 36 عامًا في سجون الاحتلال. وتم نقله إلى سجن “ركيفت” تحت الأرض في سجن الرملة، وهو من أكثر السجون قسوة، رغم كبر سنّه ومعاناته من عدة أمراض، وصدر بحقه قرار اعتقال إداري لمدة 4 أشهر.
اعتقال النساء والأطفال
بيّن مركز فلسطين أن الاحتلال واصل خلال الشهر الماضي استهداف الأطفال والنساء بالاعتقال، حيث وصل عدد المعتقلين القاصرين خلال نوفمبر إلى (41) طفلًا، أصغرهم الطفل خطاب أشرف حسين (10 أعوام) من بلدة عزون شرق قلقيلية، والطفل راكان عمايرة (13 عامًا) من جنين.
كما واصل الاحتلال استهداف النساء والفتيات الفلسطينيات، حيث وصلت حالات اعتقالهن إلى (8) حالات، بينهن أمهات شهداء ومطلوبين للضغط عليهم لتسليم أنفسهم. فقد اعتقلت سهير أبو هاشم، والدة الشهيد إبراهيم الزعاقيق من بيت أمر شمال الخليل، كما اعتقلت السيدة اعتزاز جود الله زوجة الشهيد إبراهيم هواش من نابلس.
واعتقلت قوات الاحتلال أيضًا أم عامر العيسة والدة المطارد عبد السلام العيسة من جنين، إضافة إلى اعتقال الدكتورة منال الحاج بدرساوي المحاضِرة في جامعة النجاح الوطنية بعد اقتحام منزلها في نابلس.
استشهاد أسير
كشف مركز فلسطين أن عدد شهداء الحركة الأسيرة ارتفع خلال نوفمبر الماضي ليصل إلى (318) شهيدًا، منهم (81) تُعرف هوياتهم منذ بدء حرب الإبادة على القطاع في السابع من أكتوبر 2023 وحتى نهاية نوفمبر. وقد ارتقى الأسير المسن محمد حسين غوادره (63 عامًا) من جنين، بعد 15 شهرًا على اعتقاله نتيجة ظروف الاعتقال القاسية وتدهور وضعه الصحي، كونه كبيرًا في السن ويعاني من عدة أمراض، دون أن يقدم له الاحتلال أي رعاية أو متابعة صحية، ما أدى إلى استشهاده داخل السجون، في جريمة جديدة تُضاف إلى سجل الاحتلال بحق الأسرى، وسط غياب أي تدخل حقيقي من المؤسسات الدولية التي تدّعي حماية حقوق الإنسان.
الأوامر الإدارية
وأشار مركز فلسطين إلى أن سلطات الاحتلال واصلت خلال الشهر الماضي جريمة الاعتقال الإداري بحق الأسرى الفلسطينيين، حيث أصدرت ما يزيد على (482) قرارًا إداريًا بين جديد وتجديد، دون توجيه أي تهمة، بينها (3) قرارات بحق أسيرات. إذ حُوِّلت الأسيرة سهير زعاقيق إلى الاعتقال الإداري لمدة 4 أشهر، وجُدّد الإداري لأسيرتين أخريين.
وقد صعّد الاحتلال من إصدار الأوامر الإدارية منذ حرب الإبادة، حيث وصلت أعداد الإداريين إلى أكثر من (3500) أسير، وهو ما يمثل أكثر من ثلث عدد الأسرى في سجون الاحتلال البالغ (9500) أسير.
استهداف قيادات الأسرى
وبيّن مركز فلسطين أن سلطات إدارة السجون واصلت قمعها وتنكيلها بقيادات الحركة الأسيرة بهدف كسر إرادتهم وإخضاعهم وصولًا إلى قتلهم البطيء داخل السجون. حيث تواصل عزل القيادي جمال أبو الهيجا (66 عامًا) من جنين انفراديًا في عزل سجن “جانوت” وسط ظروف قاسية للغاية، ويتعرض للضرب المستمر.
كما فقد القيادي معمر شحرور من طولكرم نصف وزنه نتيجة التنكيل وسياسة الجوع والعزل الانفرادي. ويتعرض القيادي حسن سلامة من خان يونس لعمليات تنكيل في عزل “جانوت”، ويُحرم من كل مقومات الحياة بما فيها الطعام الكافي.
أما القيادي أحمد سعدات (72 عامًا) فقد تعرّض لاعتداءات جسدية وضرب في عزل ريمون ومجدو وجانوت، ووُضع غطاء على رأسه لأكثر من 3 ساعات حتى كاد يختنق، إضافة إلى رفض الاحتلال علاجه من مرض “سكابيوس” الذي أصيب به، وفقدانه جزءًا كبيرًا من وزنه بسبب التجويع.
أسرى غزة
وكشف مركز فلسطين أن قوات الاحتلال واصلت خلال نوفمبر الاعتقالات من قطاع غزة في إطار استمرار العدوان، حيث اعتقلت (8) صيادين خلال عملهم مقابل شواطئ القطاع، واعتقلت عددًا من الشبان في مدينة رفح، بعضهم مصابون.
في المقابل، أفرجت سلطات الاحتلال خلال الشهر الماضي عن (20) أسيرًا من القطاع على عدة دفعات، وصلوا إلى مستشفى شهداء الأقصى في حالة صحية سيئة نتيجة التعذيب والتنكيل. وأفاد المفرج عنهم بأن أوضاع أسرى غزة قاسية للغاية، ويتعرضون للضرب والحرمان والبرد الشديد دون ملابس أو أغطية، وأنهم تعرضوا لتعذيب إجرامي خلال شهور اعتقالهم.
وأشار المركز إلى أن الاحتلال، وضمن صفقة التبادل، سلّم المقاومة الفلسطينية أسماء (1468) من أسرى غزة الذين اعتقلوا خلال حرب الإبادة، وكان يرفض سابقًا الإعلان عن أسمائهم أو تفاصيل اعتقالهم. بينما لا يشمل هذا الرقم جميع أسرى القطاع، إذ لا يزال الاحتلال يعتقل ما لا يقل عن (1800) أسير من غزة، يتعرضون لكل صنوف الانتهاك والتعذيب الممنهج، وحرمان مقومات الحياة، خاصة في سجن ركيفت المقام تحت الأرض، والمخصص لمن يصنفهم الاحتلال “خطرين جدًا”