في سجن جلبوع أحد أكثر السجون الإسرائيلية تشديدا ، يعيش الأسرى الفلسطينيون أوضاعا حياتية قاسية تتجاوز حدود المعاناة اليومية لتلامس حدود الجريمة المنظمة بحقهم.
ففي ظل تصاعد عمليات القمع والاقتحامات، لم يعد النوم ولا الأمان متاحا للأسرى بعدما باتت وحدات القمع الخاصة تقتحم غرفهم ليلا ونهارا، وتنهال عليهم بالضرب المبرح دون تمييز.
في اقتحام عنيف بتاريخ 21 نيسان/أبريل 2025، داهمت وحدات القمع غرف الأسرى برفقة الكلاب البوليسية الشرسة التي مزقت أجسادهم بمخالبها الحادة، مسببة جروحا عميقة وإصابات خطيرة في مشهد يعكس العقلية الانتقامية التي تدير بها إدارة السجون ملف الأسرى.
ولم تكد جراح ذلك اليوم تندمل حتى وقع اقتحام آخر بعد أسبوع، في 28 نيسان استُهدفت فيه غرفة رقم (16) في قسم (5) حيث تعرض 8 أسرى للضرب الهستيري على أيدي السجانين.
وتشير شهادات محامين إلى أن سياسة الضرب تستهدف مناطق حساسة من أجساد الأسرى كالوجه، والرأس، والعينين، والبطن ما أدى إلى إصابات خطيرة، منها كسور بالأضلاع، ومشاكل بالسمع والبصر، وآلام مستمرة في البطن.
كما يواجه الأسرى في جلبوع إهمالا طبيا ممنهجا، فقد كشف المحامون عن تفشي مرض الجرب "السكابيوس" داخل السجن وسط غياب كامل للعلاج ما أدى إلى ظهور الدمامل والتقرحات الجلدية على أجساد الأسرى دون أي تدخل طبي.
ويُضاف إلى ذلك سياسة العقاب الجماعي كحرمان الأسرى من "الفورة"، ومنعهم من التعرض لأشعة الشمس أو التنفس في الهواء الطلق.
في ظل هذه الظروف تتفاقم معاناة الأسرى المرضى، ومنهم الأسير إبراهيم الرمادي (23 عاما) من حي الشيخ جراح المصاب منذ طفولته بماء في القلب ويعاني من الشقيقة، ولم يحصل على أي علاج منذ اعتقاله، كما أُصيب مؤخرا بالسكابيوس ما زاد حالته سوءا.
أما الأسير ناصر بعارة (29 عاما) من نابلس فقد تعرض للضرب الوحشي خلال اقتحام سابق ما تسبب له بكسور ورضوض في مختلف أنحاء جسده.
في سجن جلبوع لا تشبه الحياة شيئا سوى صراع يومي بين البقاء والبطش حيث تمارس بحق الأسرى كل أشكال القمع والتنكيل وسط صمت دولي وتجاهل لحقوق الإنسان الأساسية.