"معتقلو قطاع غزة ": كيف شرعنت إسرائيل الإخفاء والتعذيب بموجب قانون "المقاتل غير الشرعي"؟
تقرير/ إعلام الأسرى

في أعقاب كل تصعيد عسكري أو مواجهة ميدانية يلجأ  الاحتلال إلى سن قوانين استثنائية تمكنها من التفلت من القواعد الإنسانية والعدالة الدولية، تحت غطاء "الأمن القومي".  

من بين أخطر هذه القوانين: قانون "المقاتل غير الشرعي"، الذي شرعن احتجاز الفلسطينيين خاصة من غزة دون محاكمة وحولهم إلى معتقلين بلا وجه قانوني وبلا حق في الدفاع أو الظهور أمام القضاء.

ما هو قانون "المقاتل غير الشرعي"؟ 

قانون "المقاتل غير الشرعي" هو قانون إسرائيلي سُنّ عام 2002 في أعقاب الانتفاضة الثانية ويسمح باحتجاز أي شخص يعتبره الاحتلال "تهديدا أمنيًا" دون توجيه تهم رسمية، ودون محاكمة عادلة، بناء على "معلومات سرية" لا تعرض حتى على المحامين أو المحاكم.

يعرف القانون "المقاتل غير الشرعي" بأنه: "شخص يشارك بشكل مباشر أو غير مباشر في أعمال عدائية ضد إسرائيل، ولا تنطبق عليه صفة أسير حرب، ولا يستحق الحماية المنصوص عليها في اتفاقيات جنيف".

هذا التعريف واسع وغامض، ويخالف بوضوح القوانين الدولية التي تحدد فئات المقاتلين والمدنيين وتلزم سلطات الاحتلال بتقديم الحماية القانونية والحقوقية لكليهما.

بنود القانون وآلية تطبيقه: 

تتضمن بنود القانون الإسرائيلي النقاط التالية:

* الاحتجاز دون تهمة أو محاكمة لفترة مبدئية تصل إلى 14 يوما، قابلة للتمديد.

* الاعتماد على ملفات سرية لا تعرض على المعتقل أو محاميه.

* إمكانية تمديد الاعتقال إداريا بقرار من وزير الدفاع كل ستة أشهر.

* الحرمان من الاتصال بمحام لفترات طويلة.

* التجديد التلقائي دون إثبات خطر فعلي.

وقد أجريت تعديلات على القانون في السنوات اللاحقة، أبرزها في عام 2023–2024، حيث:

* زادت مدة الاعتقال دون محاكمة إلى 75 يوما.

* منع المعتقل من لقاء محام حتى 6 أشهر.

* منع مراجعة قانونية حقيقية لملفات الاعتقال أمام المحاكم.

استخدام القانون ضد سكان غزة

منذ عام 2005  بعد انسحاب الاحتلال من قطاع غزة  أصبح هذا القانون الأداة الأساسية لاعتقال الفلسطينيين من القطاع.

لكن عقب عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023 اتسع استخدامه بصورة غير مسبوقة.

كل من اعتقل من غزة تقريبا صُنف مقاتلا غير شرعي سواء كانوا مدنيين، أطفالا، نساء، مسنين، أو حتى مرضى.

تم احتجاز الآلاف منهم في منشآت عسكرية وسجون سرية، مثل قاعدة "سديه تيمان"

تعرض هؤلاء المعتقلون للتعذيب، التعري القسري الحرمان من الطعام والدواء، والإخفاء القسري الكامل، دون السماح لأي جهة حقوقية بزيارتهم أو الاطلاع على أوضاعهم.

تمديد القانون حتى نهاية 2025

في يوليو 2025 قررت حكومة الاحتلال تمديد العمل بالقانون حتى 31 ديسمبر 2025 رغم إدانات حقوقية ودولية واسعة.  

ويعد هذا القرار تشريعا إضافيا لإطالة أمد الإخفاء القسري والتعذيب دون أي أساس قانوني، بل في ظل حصانة تامة للمسؤولين الإسرائيليين.

مخالفة صريحة للقانون الدولي

يخالف قانون "المقاتل غير الشرعي" المعايير الدولية، ومنها:

1. اتفاقية جنيف الرابعة التي تحمي المدنيين في أوقات الحرب.

2. العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1966) الذي يضمن الحق في المحاكمة العادلة.

3. حظر التعذيب والاحتجاز التعسفي بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب.

ولا يعترف القانون الدولي بمفهوم "المقاتل غير الشرعي" و يعتبره ثغرة تستخدمها الدول لانتهاك حقوق الأسرى والمعتقلين.

مطالبات حقوقية عاجلة

أصدرت عشرات المؤسسات الحقوقية والإنسانية نداءات عاجلة، طالبت فيها بـ:

* الإلغاء الفوري لقانون المقاتل غير الشرعي

* الإفراج عن المعتقلين المدنيين من غزة

* فتح تحقيقات دولية مستقلة في جرائم الإخفاء والتعذيب

* محاسبة قادة الاحتلال على جرائم الحرب

مكتب إعلام الأسرى أوضح أن "إسرائيل" أجرت تعديلات على القانون زادت فيها المدة القانونية للاعتقال دون محاكمة إلى 75 يوما، ومنعت المعتقلين من التواصل مع المحامين حتى 6 أشهر.

وشدد على أن القانون الدولي لا يعترف بمفهوم "المقاتل غير الشرعي"، ويُلزم الاحتلال باحترام حقوق المدنيين وأسرى الحرب. بينما "إسرائيل" تتجاهل هذه القوانين وتشرعن الإخفاء والتعذيب.

وطالب إعلام الأسرى المؤسسات الحقوقية والدولية بالعمل على تفعيل الشرائع الدولية وإلغاء القانون الظالم فورا، والإفراج عن المعتقلين المدنيين الفلسطينيين.

كما دعا لفتح تحقيق عاجل في جرائم الاحتلال التي ترتكب في زنازين القهر والظلم بحق الأسرى الفلسطينيين.

لقد تحول قانون "المقاتل غير الشرعي" إلى أداة تشريعية للإخفاء القسري والتعذيب الجماعي.  

لا يهدد هذا القانون فقط حياة آلاف الفلسطينيين وإنما  يشكل خطرا على منظومة العدالة الدولية برمتها، ما لم يتم مواجهته بشكل قانوني، سياسي، وإعلامي شامل.

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020