الحرية تحت التهديد: الأسرى المحررون يواجهون شبح الاعتقال مجددا
إعلام الأسرى

بين أبواب السجن المفتوحة وقيود الحرية المقيّدة، يعيش الأسرى المحررون ضمن صفقات التبادل واقعًا محفوفا بالتهديدات والملاحقة، في ظل انتهاكات متكررة من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي التي تنكث بوضوح التزاماتها تجاه الاتفاقات المبرمة، وتعيد اعتقال من أُفرج عنهم دون مبررات قانونية واضحة.

نكوص الاحتلال عن الاتفاقات: من التحرير إلى القيد مرة أخرى

عقب تنفيذ صفقة التبادل الإنسانية في نوفمبر 2023 والتي أفرج خلالها الاحتلال عن عشرات الأسرى الفلسطينيين، عاد الاحتلال سريعا إلى سياسة الاعتقال الانتقامي، حيث أعاد خلال أشهر قليلة توقيف عدد من المحررين في مخالفة صريحة لبنود الصفقة وضماناتها الدولية.

من بين من طالتهم الاعتقالات مجددا: سماح حجاوي – قلقيلية، تسنيم عودة – القدس، رضا عبيد – القدس، معتصم عنتوري – قلقيلية

كما شملت الاعتقالات الأسير المحرر وائل نعيم الجاغوب الذي لم تمض سوى أربعة أشهر على تحرره ضمن صفقة "طوفان الأحرار" حتى أعيد اعتقاله في مايو 2025، رغم قضائه أكثر من 24 عاما في سجون الاحتلال.

وائل الجاغوب: أسير قديم وحكاية حرية مبتورة

ينتمي الجاغوب إلى بلدة بيتا جنوب نابلس، واعتقل أول مرة في التسعينيات، ثم في العام 2001 حكم عليه بالسجن المؤبد. خاض خلال سنوات أسره عدة تجارب نضالية داخل السجون، وكان من الوجوه البارزة في قيادة الحركة الأسيرة. لكن فرحته بالحرية لم تكتمل، إذ أعاد الاحتلال اعتقاله دون توجيه لائحة اتهام في تجاوز واضح للقانون الدولي الإنساني.

حياة المحررين: قيد جديد خارج القضبان

تعكس التجارب الميدانية واقعا مريرا يعيشه الأسرى المحررون، فالكثير منهم يتعرضون للاستدعاءات الأمنية المتكررة، ومنع السفر، والرقابة المشددة. تتسع دائرة التضييق لتشمل أفراد عائلاتهم أيضا في سياسة تبقي المحرر تحت التهديد المستمر، وتجعل من حياته سجنا مفتوحا تنعدم فيه الطمأنينة والاستقرار.

الأسيرات المحررات: أهداف دائمة للتنكيل والابتزاز

لم تكن الأسيرات المحررات بمنأى عن هذه السياسات، حيث وثقت مؤسسات حقوقية استدعاء عدد منهن للتحقيق، وتهديد أخريات بسحب الهويات أو الامتيازات هذه الممارسات تهدف إلى كسر الرمزية النضالية للمرأة الفلسطينية، وتجريدها من أي دور في الحراك الشعبي والسياسي.

تقول إحدى الأسيرات المحررات، : “الحرية التي نلناها لا تزال مشروطة في كل لحظة نشعر أن الباب سيفتح مجددا لكن هذه المرة باتجاه الأسر”.

مخالفة صريحة للقانون الدولي

تعيد هذه السياسات التذكير بمواقف الاحتلال في أعقاب صفقة "وفاء الأحرار" عام 2011 حين أعاد اعتقال العشرات من محرري الصفقة رغم الضمانات.

وفق القانون الدولي يعد اعتقال الأسير المحرر دون مبرر قانوني أو محاكمة عادلة انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان، ويحمّل سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن تبعات هذه الخروقات.

دعوة للحماية الدولية ووقف الانتهاكات

في ظل هذا التصعيد يطالب مكتب إعلام الأسرى المجتمع الدولي ومؤسسات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان بالتحرك العاجل لحماية الأسرى المحررين، وضمان احترام بنود الاتفاقات الإنسانية، ومنع تكرار سيناريوهات الاعتقال التعسفي. كما يدعو إلى تشكيل لجان دولية لمراقبة تنفيذ الاحتلال لالتزاماته في صفقات التبادل.

الحرية التي تحققت بدماء وصبر طويل لا يجوز أن تهدَّد بقرار سياسي أو أمني، ولا أن تبقى مرهونة لمزاج الاحتلال.

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020