عشرة آلاف وجع.. والعداد لا يتوقف
تقرير/ إعلام الأسرى

في ليل لا ينتهي خلف قضبان السجون التي تزداد ظلمة مع كل فجر لا يحمل الحرية، يقبع أكثر من عشرة آلاف ومئة أسير فلسطيني، أرادوا الحياة فعاقبهم الاحتلال بالحديد والسجان والنسيان المتعمد.

الأسيرات : أجساد مقيدة وأرواح تشتعل  

ترزح 45 أسيرة فلسطينية بين جدران سجن الدامون وأقسام التحقيق ، تمارس بحقهن انتهاكات مضاعفة؛ حرمان من العلاج، قهر نفسي، ظروف احتجاز لا تليق بكرامة إنسان. بعضهن أمهات لم يتممن وداع أطفالهن، وبعضهن أُصبن داخل السجن، ووجعهن ممنوع من البوح.

الأسرى الأطفال : عذاب يومي وقتل للبراءة

يحتجز أكثر من 400 طفل فلسطيني في سجون الاحتلال في عتمة لا تشبه أحلامهم . أطفال خطفوا من مقاعد الدراسة، عذبوا، ووقعوا على اعترافات تحت التهديد والضرب، دون حضور محام أو ذويهم. ينامون في أقسام تفتقر لأبسط مقومات الأمان والرعاية، ويحرمون من التعليم والزيارات، ويعاملون كالبالغين في المحاكم والسجون.

المعتقلون الإداريون : العدالة المؤجلة إلى أجل غير مسمى

3577 معتقلا إداريا يسجنون بلا تهمة، ولا محاكمة، ولا حق في الدفاع. أوراق سرية، وتجديدات بلا سقف، وسنوات من العمر تتسرب خلف القضبان دون ذنب سوى أن المحتل يخشى وعيهم وصوتهم. بعضهم تجاوز عشر سنوات رهن الاعتقال الإداري المتجدد، وبعضهم يعاني من أمراض قاتلة لا يفرج عنه إلا وهو في طريقه إلى المقبرة.

أسرى غزة :حيث تكسر كل القوانين

لم تعد غزة محاصرة فقط من الخارج منذ الحرب الأخيرة ، بل حتى من داخل الزنازين والسجون والمعتقلات. فقد صنف ما لا يقل عن 1846 أسيرا من غزة كمقاتلين غير شرعيين وفقا لمزاعم الاحتلال، ليحرموا من أبسط حقوقهم القانونية والإنسانية. هذا الرقم لا يشمل آلافا آخرين يحتجزون في معسكرات سرية تابعة لجيش الاحتلال، لا يعرف مصيرهم، ولا يسمح بزيارتهم أو توكيل محامين عنهم.

أسرى غزة يمنعون من الاتصال بذويهم، ويحرمون من الملابس، والدواء، والمعاملة الإنسانية. بعضهم فقد أطرافه، وآخرون تركوا ينزفون بلا إسعاف، فيما لا تزال أمهاتهم يكتبن أسماءهم على جدران الذاكرة، كلما مرت نشرة أخبار دون أن تأتي بخبر.

الأسرى المرضى :صراع بين الألم والإهمال

مئات الأسرى يعانون من أمراض خطيرة كالسرطان، الفشل الكلوي، أمراض القلب، الجرب "السكابيوس"، وآلام لا اسم لها. لا دواء كاف، ولا رعاية طبية حقيقية. بعضهم يموت ببطء، وبعضهم يصرخ في الزنزانة دون أن يسمع، وبعضهم يخرج من السجن جثة مؤجلة، كما حدث مع الشهيد معتصم رداد بعد تحرره، والأسير فاروق الخطيب ، وأسرى غزة مثل محمود سلامة ومحمد الأسطل وأيمن قديح الذين استشهدوا في ظلال الإهمال الطبي والتعذيب وغيرهم كثير .

كبار السن : شيخوخة على أرصفة الزنازين

منهم من تجاوز السبعين ومنهم من دخل السجن شابا وها هو يصارع الشيخوخة خلف القضبان.  

لا رحمة لضعفهم، ولا احترام لتجاعيدهم. ينقلون على كراسي متحركة، يلبسون ذات الثياب لسنوات، ويأكلون ما لا يصلح أن يكون طعاما. تتآكل عظامهم، وتذبل عيونهم، وهم ما زالوا يعاملون كخطر أمني.  

المخفيون قسرا : بين الصمت والهاوية

هناك من لا نعرف عددهم بدقة، أسرى لا اسم لهم في القوائم، ولا صورة في الأخبار، ولا زيارة في الذاكرة.  

المخفيون قسرا هم من معتقلي غزة، يحتجزون في معسكرات لا يعلم أحد مواقعها، دون أن يعترف بهم كأسرى، ودون محاكمات، أو حتى إشعار رسمي باعتقالهم. هو غياب قاس يشبه الموت.

نداء لمن يهمه الأمر قبل فوات الأوان

عشرة آلاف أسير فلسطيني وعشرة آلاف قصة، وألف شكل من القهر. لكن ما لا يستطيع السجان أن يعتقله هو اليقين بالحرية.  

فالقيود تضعف، والسجن لا يورق، والذاكرة لا تنسى.

هؤلاء ليسوا أرقاما هم قلوب تنبض خلف الأسوار ووجوه تضيء تحت الركام، وأرواح تعلق المفاتيح على أمل العودة.

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020