أكد مركز فلسطين لدراسات الأسرى أن الاحتلال ينفذ مجزرة بشرية في الضفة الغربية المحتلة منذ ما يقارب العامين، من خلال حملات الاعتقال المكثفة والمستمرة بشكل يومي، والتي طالت أكثر من 18 ألف مواطن. وقد صعَّد خلال الأسابيع الأخيرة تحديداً من عمليات الاعتقال.
وأوضح المركز أن الاحتلال صعّد من جرائم الاعتقال بشكل واضح في الآونة الأخيرة، خشيةً من اندلاع حراك متوقّع، وسعياً لإطفاء أي شرارة مقاومة محتملة، ردًا على جرائمه المتصاعدة في الضفة المحتلة، من قتل وهدم منازل ومصادرة أراضٍ، وإقامة مستوطنات. كما ازدادت اعتداءات المستوطنين بحق أهالي الضفة الغربية من حرق ونهب وقتل وتدمير ممتلكات.
وأشار المركز إلى أن الاحتلال يقتحم بشكل يومي، بعد منتصف الليل وساعات الفجر الأولى، القرى والمخيمات والبلدات في الضفة بأعداد كبيرة من الآليات والجنود، ويُداهم عشرات المنازل وينفذ حملات اعتقال واسعة تطال نحو 50 مواطنًا يوميًا، بينهم نساء وأطفال ومرضى، بهدف التخويف والردع واحتواء أي حراك مناهض للاحتلال.
وبيّن أن الاحتلال يقوم بتجميع المعتقلين في منازل يُحولها إلى ثكنات عسكرية، ويُجري معهم تحقيقًا ميدانيًا وهم مقيّدو الأيدي ومعصوبو الأعين، ويتعرضون للضرب والإهانة. وبعد ساعات، يُفرج الاحتلال عن غالبيتهم بعد تهديدهم بالاعتقال أو القتل في حال "ممارستهم لأي نشاط تحريضي"، حسب زعمه.
وأكد مركز فلسطين أن سياسة الاعتقالات الجماعية والمستمرة، التي يرافقها تحقيق ميداني وتدمير لمحتويات المنازل والاعتداء على الأهالي، واستخدامهم كدروع بشرية، وسرقة الأموال والمصاغ الذهبي، تهدف إلى خلق حالة من الفوضى والقلق المستمر، وتعطيل حياة المواطنين، وإرباكهم، وكيّ وعيهم لمنعهم من التفكير بأي حراك معادٍ للاحتلال ردًا على جرائمه.
كما أشار إلى أن الاحتلال يمارس عقابًا جماعيًا باستهداف واعتقال ذوي من يُسميهم "المطلوبين"، حيث يُعيد اقتحام منازلهم مرارًا، ويُحطم محتوياتها، ويُهددهم بالقتل، ويعتقل عددًا منهم بمن فيهم النساء والقاصرون وكبار السن، ويحتجزهم لأيام، في محاولة لإجبار "المطلوبين" على تسليم أنفسهم عند الحواجز أو مراكز الاعتقال القريبة من أماكن سكنهم.
وأضاف أن الاحتلال يستهدف بشكل خاص الأسرى المحررين، باعتبارهم "محركًا رئيسيًا" لما يسميه "التحريض على مقاومة الاحتلال"، إلى جانب استهداف الكوادر الشبابية، وطلاب الجامعات، والأكاديميين، والناشطين، مما يدل على خشية الاحتلال من تأثير هذه الفئات على الرأي العام.
وأكد المركز أن الاحتلال، نتيجة لتكثيف عمليات الاعتقال، لا يجد تهمًا حقيقية لمعظم المعتقلين سوى "التحريض"، ما دفعه إلى تصعيد إصدار أوامر الاعتقال الإداري. فمنذ بداية يونيو الجاري، أصدرت محاكم الاحتلال أكثر من 800 قرار اعتقال إداري، بهدف احتجاز المعتقلين دون تهمة أو محاكمة ولأمدٍ مفتوح.
وفي ختام بيانه، طالب مركز فلسطين لدراسات الأسرى كافة المؤسسات الدولية والحقوقية بالتدخل العاجل لوقف جرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين، ووقف النزيف المستمر الناتج عن حملات الاعتقال الجماعي وغير المبررة، التي تأتي في سياق سياسات التنكيل والانتقام والعقاب الجماعي، لدفع الفلسطينيين أصحاب الأرض إلى تركها بحثًا عن الأمان والاستقرار.