انقطاع الأسرى عن العالم الخارجي يمثّل التحدي الأبرز لهم ما بعد حرب السابع من أكتوبر، إذ يجاهد الأسير اليوم لإيصال خبر واحد إلى عائلته عبر محامٍ يزوره، علّه يعرف ما إذا فقد أحد والديه أو أصاب عائلته مكروه. كثير من الأسرى تصلهم أخبار فقد أحبابهم بعد أشهر طويلة، نتيجة سياسة الحرمان من الزيارة التي يفرضها الاحتلال.
الأسير المؤبد يحيى محمد نايف الحاج حمد (34 عاماً) من مدينة نابلس، اعتقله الاحتلال في الثالث من تشرين الأول/أكتوبر 2015، وأصدر بحقه حكماً بالسجن المؤبد المكرر مرتين إضافة إلى (30) عاماً أخرى، بتهمة تنفيذ عملية "إيتمار" عام 2015 برفقة عدد من شبان نابلس الذين رفضوا الصمت أمام محرقة عائلة دوابشة واستشهاد العديد من شبان الضفة آنذاك.
مكتب إعلام الأسرى تواصل مع عائلة الأسير يحيى للوقوف على آخر أخباره في ظل الانقطاع الطويل وغياب الزيارات. تقول عائلته:
"أكثر ما آلمنا ما جرى في الزيارة الأخيرة قبل شهر، إذ تمكّن المحامي من لقائه بعد انقطاع طويل، وكان أول ما سارع يحيى إلى سؤاله: هل أمي على قيد الحياة؟ هل هي بخير؟... قلقه كان مبرراً بسبب وضعها الصحي الصعب، خاصة بعدما فقد والده عام 2017 دون أن يتمكن من وداعه."
يعيش يحيى صراعاً يومياً مع الأفكار المؤلمة حول عائلته، متى تصل أخبارهم؟ وماذا جرى لهم؟ خلال سنوات اعتقاله حُرم من مشاركة عائلته أفراحهم وأتراحهم؛ توفي والده دون وداع، وتزوج شقيقه دون حضوره، كما زُفّت بنات شقيقاته في غيابه. وهذه الدوامة هي أشدّ ما يثقل قلوب الأسرى وعائلاتهم.
علمت عائلته عبر المحامي أن أوضاع السجون مأساوية، إذ يتعرض لسياسة تجويع أفقدته كثيراً من وزنه، ولا يتوفر له سوى لباس واحد كما حال بقية الأسرى. كما أصيب بمرض جلدي (السكابيوس) وتماثل للشفاء لاحقاً.
في سجن ريمون، يبدأ الأسير يحيى عامه الحادي عشر من الحكم، وقد أنهى عشرة أعوام كاملة. ورغم كل ما يعانيه، لم يثنه الأسر عن مواصلة مسيرته العلمية والإبداعية؛ فهو شاعر أصدر ديواناً بعنوان "قبلة الأبطال"، ونال درجة البكالوريوس في تخصصي التربية الإسلامية والعلوم المالية والمصرفية، ثم درجة الماجستير في الاقتصاد الإسلامي. وكان على وشك إنهاء درجة ماجستير ثانية في الشؤون الإسرائيلية من جامعة أبو ديس، غير أن الحرب الأخيرة وانقطاع التواصل حالا دون إكمال فصله الدراسي الأخير.
كما حصل يحيى على العديد من الشهادات والدورات في مجالات مختلفة، منها: التجويد، القانون الدولي، القانون الدولي وحقوق الإنسان، اتفاقيات جنيف، كتابة الخبر الصحفي، إضافة إلى إنجاز بحث أكاديمي بعنوان "ديمقراطية إسرائيل بين السياسة والقضاء".
عانت عائلة الحاج حمد ظروفاً قاسية بعد اعتقاله، إذ أقدم الاحتلال على هدم منزل العائلة عقاباً لها، لتضاف هذه الخسارة إلى سجل التضحيات التي قدّمتها. واليوم، ورغم طول الحكم وثقل الغياب، تبقى العائلة مترقبةً بصبر وأمل خبر حرية قريبة له.